مصداقية التواصل بين الأفراد من خلال وسائل التواصل الاجتماعية أو غيرها من الوسائل الإلكترونية الأخرى، مثل الإيميلات، أصبح هاجسًا لدى الكثيرين، خصوصًا فيما يتعلق بمحتوى ذلك التواصل، والذي أضحى في كثير من الأحيان يفتقر إلى المصداقية والصحة، ويتطلب نوعًا من التحقق والتأكد من مضمونها، خصوصًا وأن بعض المرسلين لا يقرأون أو يتأكدون من مضمون الرسائل التي يقومون بإرسالها، وهذا ما أكَّدته نتائج استطلاع الرأي العام، والذي أجراه المركز الوطني لاستطلاعات الرأي العام التابع لمركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني مؤخرًا بشأن (اتجاهات أفراد المجتمع نحو رسائل التواصل الاجتماعي)، والذي شارك فيه أكثر من ألف مواطن من مختلف مناطق المملكة، وأظهرت نتائج الاستطلاع أن 37% من أفراد المجتمع لا يتحققون من الرسائل التي تصل إليهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
التأثير السلبي الذي يمكن أن تُحدثه بعض رسائل التواصل الاجتماعية ذات المضمون السيئ لا يمكن تحديده، فبعضها قد يكون وسيلة لنشر الفتنة والفوضى والإشاعات والتفرقة بين فئات المجتمع، بل وحتى لارتكاب جرائم كالسرقة والقتل، فقد نشرت (عكاظ) في الصفحة الأخيرة يوم الخميس الماضي بأن الهند ألقت اللوم على تطبيق (واتساب) باعتباره السبب الرئيس لتداول رسائل مضللة، وذلك إثر سلسلة جرائم إعدام طالت 29 بريئًا، كما طالبت وزارة الإلكترونيات وتكنولوجيا المعلومات الهندية (واتساب) باتخاذ التدابير العاجلة لمنع انتشار الرسائل المحفّزة على العنف، مما حدا بشركة (فيسبوك) المالكة للتطبيق الإعلان عن عزمها تمويل أبحاث لمعرفة سبب انتشار الأخبار المضللة عبر المنصة، والتصريح بأن التطبيق يهتم بسلامة مستخدميه وقدراتهم على التواصل بحرية، وتطّلع الشركة عبر برنامج أبحاث جديد لحجب الرسائل المضللة، وسيُقدِّم البرنامج جوائز 50 ألف دولار للمقترحات البحثية لاكتشاف العوامل المساعدة على ترويج المعلومات المضللة.
أصبح كثير منَّا يستقبل كل يوم بل كل ساعة أو كل دقيقة سيل هائل من الرسائل في أشكال مختلفة متضمنة بعض الأخبار والمعلومات عن بعض الجهات والهيئات والأفراد، ولم يَعُد بمقدور الكثير مِنَّا التأكد من صحة مضمون تلك الرسائل، مما يجعل البعض -وفي بعض الأحيان بدون قصد- إعادة نشر تلك الرسائل أو تأييدها أو التعليق عليها، وتكون تلك الرسائل تتضمن تشهير بالآخرين أو إلحاق الضرر بهم، مما يُوقع هؤلاء المرسلين في جريمة معلوماتية قد يُعاقَبُون عليها بالسجن لمدة تصل إلى العام، أو غرامة مالية تصل لـ500 ألف ريال كما أكَّدت النيابة العامة، وذلك وفقًا لنظام الجرائم المعلوماتية.
نتائج الاستطلاع تُؤكِّد بأن أكثر من ثلث المجتمع لا يتحقَّقون من الرسائل التي تصل إليهم، وقد يقعون في المحظور، مما يستدعي تكثيف وتركيز التوعية بالحذر، والتأكد من مضمون تلك الرسائل حتى لا تصبح وسائل سلبية بدلًا من أن تكون إيجابية.