في أغلب الأحيان يحدث- ودون أن نشعر أو ندرك- ترك انطباع سيئ لدى الآخرين، بقول كلمة أو فعل مزحة أو حتى الإلحاح للمطالبة بحق مشروع، وكل فرد منا قد يصادف في حياته أشخاصاً لديهم مفاهيم وانطباعات خاطئة عن الآخرين دون معرفة حقيقية بهم، وقفت حائلاً دون اندماجهم مع الآخر وتقبلهم له. قد تتحول أحكامنا على الآخرين إلى تشويه لصورة البعض إذا ما أطلق وسط الأهل والأصدقاء. من الواضح ومن هيئة ذلك الشخص أنه يحب المشكلات، ويبدو من ملامح الآخر أنه مطالب وملح، فهل يعد كافياً معرفة معادن الناس وأخلاقها من مجرد النظر إليهم ودون محادثتهم ومبادلتهم بالأفكار؟
إن الأحكام المسبقة من زاوية واحدة ومن النظرة الأولى وبمجرد مقابلة عابرة خطأ يترتب عليه مظالم للآخرين، وفيه منتهى الإجحاف وعدم العدل والمصداقية، فنبني في بعض الأحيان صوراً مغايرة لشخص ما وعند أول لقاء نصاب بصدمة، وهذه النتيجة الطبيعية للحكم المتسرع، فالحكم على الآخرين يحتاج مهارة ثاقبة، فلا يمكن أن نحكم على شخص أنه جيد أو سيئ بمجرد الشعور تجاهه. بالرغم من أننا لا نتقبل بعض الأشخاص منذ أول مشاهدة لهم، إلا أن ذلك لا يعني أنهم لا يحملون صفات إيجابية، فمن كان سلبياً في جانب معين يمكن أن يكون إيجابياً في العديد من الجوانب الأخرى، إذا ما تم التقرب منه والتعرف إليه لفترة أطول.
والانطباع السيئ لا يدوم لوقت طويل وممكن تحسينه، فإذا جمعتك الظروف بنفس الشخص مرة أخرى، فلا تتناسى ما حدث أو تتصرف كأن شيئاً لم يكن، لأنه لن ينسى ذلك، وستتأثر تصرفاته تجاهك بناء على انطباعه عنك، فقد تظن في بعض الأحيان أن الأوان قد فات وتبخر الحدث، لكن تأكد أنه سيتذكر لك هذا أكثر مما تتخيل. ولتعديل هذا الانطباع، هو التصرف بشكل تلقائي وطبيعي، بمعنى لا تتظاهر بفعل أو صفة ليست من شخصيتك أو طباعك لإبهار الطرف الآخر للتمكن من ترك انطباع جيد عنك، تأكد أنه سيتحول تماماً بمجرد أن يراك هذا الشخص على طبيعتك، فمجرد تصرفك بشكل متناقض مرة أخرى يراك فيه كفيل بتدمير صورتك في ذهنه، لثقته هو في نفسه، ومعاملة الناس بأخلاقه لا بأخلاقهم، (قُلْ هَٰذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي).