في صيف هذا العام 2018م قمت برحلة مدتها 45 دقيقة من محطة قطارات (كنز كروس) بلندن، إلى مدينة (قران ثام) في مقاطعة (لينكون شير)، لمشاهدة المكان -قرية- الذي وُلد فيه العالم السير إسحاق نيوتن صاحب الاكتشافات التي غيَّرت وجه العالم. وعند وصولي ذهبت بتاكسي الى قرية على بعد ربع ساعة، غالبية زوارها من اليابانيين والصينيين، والكلام لسائق التاكسي. قامت وزارة الثقافة البريطانية بتحويلها الى متحف يعمل به حوالي 50 شخصاً بين مرشد سياحي وعامل صيانة وغيرهم، ويضم منزل نيوتن والحديقة المحيطة به التي بها الشجرة التي سقطت منها التفاحة وكانت سبباً في اكتشافه لنظرية الجاذبية الأرضية والتي تم وضعها داخل سياج خشبي دائري، حتى الأطفال تم تهيئة مكان لهم يحاكي ما قام به نيوتن من اكتشافات إضافة الى مكتبة بها كتب ومطبوعات عن المكان وكشك لتقديم بعض المشروبات. برسم دخول قدره 7 جنيهات إسترلينية للشخص الواحد به يشاهد عرضاً مرئياً عن حياة وانجازات نيوتن والتجوال داخل المتحف ومشاهدة الأدوات والمناظير التي كان يستخدمها والتي كانت من صنع يديه، إضافة الى الغرفة التي زاره فيها عالم الفلك البريطاني الشهير (هالي)، وكان نيوتن يقضي أغلب وقته فيها لحل المعادلات الرياضية التي كان بعضٌ منها مكتوباً على الجدران بخط يده، إضافة الى صورة رسالة من والدته عندما كان في الجامعة تستفسر فيها عنه والتي استخدم خلفيتها في كتابة حل بعض معادلاته الرياضية، وفي الغرفة نفسها بدأ كتابة كتابه الشهير(المبادئ الرياضية للفلسفة الطبيعية) نشره عام 1687م، والذي يعتبر من أهم الأعمال في تاريخ علم الفيزياء والرياضيات والفلك والذي قال عنه العالم الفرنسي (لا بلاس) إنه الكتاب الوحيد الذي كشف لنا القانون الأعظم للكون، وعلى نفس الكتاب علق العالم الفيزيائي الشهير أينشتاين الذي يعتبر نيوتن عالِمه المفضل قائلاً: «اذا كان لديك الوقت والهدوء يمكنك من خلال قراءة هذا الكتاب أن تعيش الأحداث الرائعة التي عاشها نيوتن في أيام شبابه». والطريف في الأمر أن نيوتن بعد حصوله على الشهادة الجامعية من جامعة كامبريدج أغلقت الجامعة أبوابها كإجراء وقائي لانتشار مرض الطاعون في بريطانيا عام 1665 م والذي استمر لمدة سنتين وتسبب في وفاة حوالي 100000 شخص أي ما يقارب 25% من سكان مدينة لندن في ذلك الوقت، عندها قرر نيوتن العودة الى منزل ومزرعة والديه في القرية، وفي هذه الفترة استطاع نيوتن أن يحول هذه الظروف الصعبة الى مرحلة ذهبية في حياته واستطاع خلال هذه المدة أن يظهر كعالم فذ في مجالات عديدة، لدرجة أن البرفسور الأمريكي (مايكل هارت) قام بتصنيفه على أنه الشخصية الثانية الأكثر تأثيراً في التاريخ البشري وذلك في كتابه المشهور (المئة شخصية الأكثر تأثيراً في التاريخ)، وكانت الشخصية الأولى في الكتاب هي لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم.
وأخيراً: «قمة الثقة أن تصمت عندما يستهزئ بك الآخرون لأنك تعرف من أنت ومن هم».. من أقوال السير إسحاق نيوتن.