قال تعالى: (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ، خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ، اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ، عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ).. من العلم ظهر العلماء. ومن علومهم عمَّت العلوم والمعرفة، ومع مقتضيات العصر توسَّعت وتطوّرت لتلبية احتياجات طالبيها. وما كنَّا نراه نحن وآباؤنا وأجدادنا حلمًا في عالم الاتِّصالات، نجده اليوم، بعد أن فرضت منتجات تقنية الاتِّصالات والتواصل الاجتماعي وجودها طبيعيًّا في كل جيب ومكتب ومنزل، ويتعامل معها الجيل الجديد بيسرٍ وسهولة.
تمَّ ذلك بعد اختراع العلماء التلفون والفاكس في القرن الماضي لاستقبال الرسائل وإرسالها. منهين زمن التلغراف وأجهزة اللاسلكي. ولكلِّ جديد في حياة البشر بداية ونهاية يعقبهما جديد آخر من تصميم العلماء، وإنتاج كبرى الشركات.
فِي زمننا الراهن، وبعد أن تم اكتشاف شبكة الإنترنت والهواتف الذكية، وأدت هذه التقنيات الغاية المطلوبة منها عَسكريًّا، انتقلت إلى الجهات الأمنيَّة للاستفادة منها على نطاق أوسع للتنصُّت والمتابعة من أجهزة الاستخبارات. ثم تم تعميمها وتسويقها تجاريًّا خدمةً للمستهلك في كافة بلدان العالم. ولم يبق إنسان على وجه البسيطة إلَّا امتلك هاتفًا ذكيًّا محمولاً أو أكثر إلى جانب الآيباد والكومبيوتر، إضافة إلى شريحة ملصقة ببطاقة التعريف الشخصيَّة لكلٍّ منَّا وبرخصة قيادة المركبات. وهكذا تمكَّنت الاستخبارات فِي الدول الكبرى من التنصُّت في مشرق الأرض ومغربها، وفي عالمنا العربي وقلبه فلسطين المحتلّة من الصهاينة على كلِّ مكالمة هاتفيَّة نجريها، والاطِّلاع على الرسائل الإلكترونيَّة المتبادلة بين الأفراد والمؤسَّسات، وكذا حركة الحسابات البنكيّة للأفراد والشركات والحكومات، ممَّا مكَّنهم من تتبُّع مَن يرغبون ملاحقته.. وكذا اختيار من يرونه مؤهًّلاً للتجسُّس لصالحهم على أهله وعشيرته وأمَّته. ولهذا كان التوسُّع السريع في انتشار وسائل الاتِّصال والتواصل الاجتماعي لتكون بديلة عن الحروب التقليديَّة التي كانت تشنُّها الدول والجماعات المتحكِّمة باقتصاد العالم على بلدان العالم الثالث، للاستئثار بمقدَّراتهم ونهب ثرواتهم. وها هم اليوم يجرَّبون حروبهم باختلاق أخبار ملفَّقة عن حال البلد الذي يستهدفون تخريب هياكله السياسيَّة والاقتصاديًّة والاجتماعيَّة، لإثارة البلبلة في صفوف الأمَّة المقصود نهبها وتدمير ثوابتها، تمهيدًا لفوضى هدَّامة، دون تعريض شبابهم للأخطار، وتوفيرًا لأسلحتهم وعتادهم التي كانوا يستخدمونها في الحروب التقليديَّة.
إضافة إلى ما تقدَّم، دأبَ فريق من علماء النفس في تعميم نكات تستهوي القارئ دون إدراك منه أنَّها تتعرَّض لثوابت أمّته وأخلاقها. وسرعان ما تتردَّد تلك النكات على نطاق أوسع.. وهذا النوع من الحروب النفسيّة باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي من أخطر أسلحة الفتك المدمِّرة، في البلدان التي تتمتَّع بنسيج اجتماعي متعدِّد الأعراق والأديان والمذاهب.. لذا، وبلادنا تواجه اليوم حربًا شرسة من القريبين والبعيدين من ضعاف النفوس، علينا توخِّي الحيطة والحذر ممَّا قد يصلنا عبر وسائل التواصل من أخبار ورسائل ودراسات ونكات تمسُّ ثوابت أخلاقنا وعقيدتنا، فلا نعمل على نشرها ما لم نتأكَّد من صحّتها وسلامتها. ولنا في رسولنا الكريم الأسوة الحسنة، مسترشدين بِقوله عليه الصلاة والسلام: (مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يُؤْذِ جَارَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ).
قل خيراً أو اصمت
تاريخ النشر: 07 سبتمبر 2018 01:00 KSA
لذا، وبلادنا تواجه اليوم حربًا شرسة من القريبين والبعيدين من ضعاف النفوس، علينا توخِّي الحيطة والحذر ممَّا قد يصلنا عبر وسائل التواصل من أخبار ورسائل ودراسات ونكات تمسُّ ثوابت أخلاقنا وعقيدتنا، فلا نعمل على نشرها ما لم نتأكَّد من صحّتها وسلامتها
A A