Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

«قديمك نديمك لو جديدك أغناك»

A A
أتيت من مجتمع عربي أصيل محافظ له عاداته وتقاليده، أنظر إليه من بعيد عبر سنين نالت كثيرًا من عاداتنا وسعادتنا، أضاعت جزءًا غير يسير من ألفتنا وبهجتنا وخصوصيتنا، تارة تحت وطأة التحديث والتغيير، وأخرى تحت غزو فكري وثقافي ينال منا ولا ننال منه غير اليسير لمن يحسن استخدام عقله، واُخرى تحت استعمار صفحات التواصل الاجتماعي، التى هي في حقيقتها صفحات التفرق والوحدة والإنعزالية والتوحد، تلك المظاهر التي دخلت عالمنا دون إذن منا، تحت مسمى حركة المجتمع العالمي نحو الحداثة والتقريب، وبدلاً أن تكون وسيلة تواصل مع البعيد. ورؤية المغترب أصبحت عالماً من الانفراد والتقوقع، وأصبح بعدها مجتمعنا الدافئ باردًا بلا دفء، صامتًا بلا حديث، منعزلاً بلا شراكة، وأفرز ذلك جيلاً لم يعد يشبه ما قبله، فالكبار لا يفهمون ما يشغل بال صغارهم، ولا مع من يتحدثون، ولا متى ينضمون إلى أهلهم، ولا متى يخرجون من عزلتهم هذه، وأصبح الأهل داخل منازلهم متفرقين، وأصبح الأولاد والفتيات في عالم افتراضي آخر، لا يحسون بذويهم، ولا يفضلون سوى عالمهم بكل مخاطره، بل وأصبح الأطفال الصغار بعد أن كنا نقيس ذكاءهم ويقظتهم، بنطق بعض الكلمات أو قبول الآخر، أصبحنا نقيمهم بقدرتهم على التعامل مع الجوال والآي باد وتطبيقاته، وكأننا نجهزهم لعالم افتراضي بعيدًا عن مجتمعهم، بل وأصبح الكل يأخذ من عادات الغرب وهذا العالم الافتراضي المليء بالمخاطر، أمور سيئة كثيرة، منها بعد الانعزال، ووهم الاستقلال، وقصر الكلام والرد على الأهل، وعادات التدخين. ولنكن شجعان لنعترف أن شعارنا القديم، البيوت أسرار، لم يعد واقعًا، فقد انكشف السر عبر هذه العوالم الخفية، وأصبحنا لا نعرف عن بعضنا البعض شيئًا، وأصبحنا نتوق لماض ذي ملامح، وعادات تقربنا، وأصول نتبعها، وتاه شبابنا، وضاعت سعادتنا، وأدخلت علينا عوامل أفسدت جزءًا من أيامنا الحلوة، وأصبحنا نتوق إلى يوم من عمرنا نقضيه وسط أهلنا، في حوار وسمر وضحكات ونصح وارشاد، والآن حق علينا أن نتصارح ونحاول أن نعود الى أجمل ما فينا، حياة دافئة، وأجيال واقعية، بعيدًا عن العالم الافتراضي، أو إرغام أولادنا على مثل عيشتنا.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store