نظريًا، إذا كان هناك مُؤيِّدون لإيران في العراق، فيُفترض أن يكون أكثرهم تأييدًا لها هم سُكّان البصرة، لأنّهم شيعة، وأقرب جار جغرافي لها، وأبواب العمل والتجارة والتواصل الاجتماعي كانت مفتوحة بين الطرفين، لكنّ الشباب العربي البصْري انتفض على إيران انتفاضة الأسد الجائع على مُدرّبه الشبعان، ووصل به الأمر لحرق القنصلية الإيرانية، والهجوم عليها بموجات بشرية بعشرات الآلاف، وصار يُردّد: «إيران.. والله نحرقها»، و»إيران برّة برّة والبصرة حُرّة حُرّة»، بعد أن أدرك أنّها فقط تريد تدمير العرب، ولا تُفرِّق بين عرب سُنّة أو شيعة، ولا بين جار قريب أو بعيد، فكلّهم في عينها سواء.
وإيران هي السبب المباشر، وكذلك غير المباشر عبْر مليشيات الحشد العراقية العميلة لها، فيما حصل من شلل كامل في خدمات البُنى الأساسية مثل المياه والكهرباء في البصرة، فضلًا عن البطالة التي مسّت كلّ بيت بصْري، فلا عجب أن تحصل الانتفاضة.
وللذكرى، وتأكيدًا لسببية إيران في شلّ البصرة، فإنّني أُذكّر أنّها لم تنس تاريخ البصرة، وأنّ الصحابي الجليل عُتبة بن غزوان هو أوّل من شيّدها في عهد عمر بن الخطّاب، رضي الله وعن الصحابة أجمعين، بعد هلاك كسرى وزوال الإمبراطورية الفارسية على أيديهم، وعمر هو الذي سمّاها بالبصرة بعد مشاورة عُتبة له، لأنّها أرض غليظة ذات حجارة صلبة، وكلّ أرض هكذا تُسمّى «بصْرة» في اللغة العربية، وهذا يدلّ على الحقد المستمر الذي يكتنفه الملالي في صدورهم تجاه الصحابة، وخصوصًا تجاه عمر الذي سيّر جيوش الفتوحات الإسلامية.
وكم أتمنّى ألّا تتوقّف انتفاضة البصرة على إيران، وأن تُؤتي أكلها، وأن تمتدّ لتقطع يد إيران من العراق كلّه، وأن تحلّ الحكومة العراقية مشكلاتها بعيدًا عن مآرب إيران وحقدها الدفين، وأن يتّعظ بالشلل الذي حلّ بالبصرة كلّ من يظنّ في إيران خيرًا، وهو في ظنّه من الخرّاصين، لأنّها دولة شرّيرة في ظلّ حُكْم الملالي الإرهابي، وهي لا تريد الخير ولا السلام للدول العربية بلا استثناء، وأستغرب أن يوجد في العراق وغيره من لا يتّعظ بذلك، وهم يَرَوْن عين اليقين أنّ البصرة وهي واقعة في «جنّة» إيران أسوأ ممّا كانت واقعة فيه إبّان «نار» الرئيس العراقي صدّام حسين، ذلك الذي أوعزت إيران لعملائها في العراق بإعدامه شنقًا في صبيحة عيد الأضحى، مُعلِنَةً حربًا فارسيةً وفاجرةً على العرب باسم آل البيت رضوان الله عليهم، ومُستمرّةً حتّى الآن!.