في التوجيه النبوي الشريف قوله عليه الصلاة والسلام: (روِّحوا عن أنْفُسِكُم ساعةً بعدَ ساعةٍ، فإِنَّ القلوبَ إذا كلَّت عميت)، كشفت الدراسات النفسيَّة أنَّ الاستمرار على نهجٍ واحد لمدَّة طويلة قد يؤدِّي إلى الملل والرتابة والكآبة، والاكتئاب يؤدَّي إلى الإحباط. والإحباط يشلُّ القدرة على التفكير والعطاء. لذا لابدَّ من إجازة ترفيهيَّة للحفاظ على الصحَّة النفسيَّة وصفاء الذهن وسلامة التفكير. فمن الضروري جلب السرور والفرح لأنفسنا ولمن حولنا، والتفاؤل بأنَّ القادم أحلى.
في ضوء ما نُعايشه اليوم من حديثٍ بنَّاء لمملكتنا الشامخة، وهي تدخل مئويَّتها الثانية من العمر المديد والطويل بعون الله، وما يصاحب مثل هذا التحوُّل التاريخي من جهدٍ وتعب من أجل إنجاح خطة تنمية 2030، فالحاجة ماسَّة للترويح عن النفس من وقت لآخر.. جاءت مناسبة الذكرى الثامنة والثمانين لقيام المملكة العربيَّة السعوديَّة؛ لتزرع بسمة الأمل والسرور على وجوه المواطنين والمقيمين كافَّة فوق تراب الوطن، باحتفالات لم نشهدها من قبل. فقد عمَّت طول البلاد وعرضها، وشاركت فيها كلُّ أطياف المجتمع على تعدُّد أصولهم ولهجاتهم.. وكان للمرأة السعوديَّة حضور مميَّز ورائد في الأنشطة الإعلاميَّة والثقافيَّة والرياضيَّة والفنيَّة التي رافقت مسيرات الفرح والسرور في العاصمة الرياض، والمدن والقرى والمنتجعات.
تردَّد صدى الاحتفالات بمناسبة اليوم الوطني لمملكتنا في عواصم دول العالم الصديقة لمن شاركوا في احتفالات بعثات خادم الحرمين الشريفين الدبلوماسيَّة. وقد كان لي شرف حضور الحفل الذي أقامه في مدريد صاحب السموِّ الأمير منصور بن خالد الفرحان آلِ سعود، سفير خادم الحرمين الشريفين لدى مملكة إسبانيا. وقد سمعتُ من شخصيَّة أكاديميَّة مرموقة حضرت الحفل قوله لمن تحلَّقوا حوله لسماع تعليقه على الحفل، بأنَّ احتفال هذا العام في المملكة كما شاهده على شاشات الفضائيَّات جاء مطابقًا لمعنى الشهر السابع من التقويم الشمسي عند العرب وهو الميزان. ويُطابق أوَّل أيَّام شهر الميزان مع يوم ميلاد مملكتنا. والميزان لغةً هو ما يُوزن بالحق والإنصاف، فلا ضرر ولا ضرار. هذه حقًّا من سمات العهد الجديد الذي يتشكَّل اليوم في المملكة العربيَّة السعوديَّة على يد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آلِ سعود وولي عهده صاحب السموِّ الملكي الأمير محمَّد بن سلمان؛ مهندس تنمية 2030، وما علينا إلَّا مشاركة المملكة قيادةً وشعبًا في آمالها وطموحاتها لتحقيق حياة أفضل لشعبها.. وهو بالتأكيد سيأتي بالخير الذي سيعمُّ الجميع.. فالمملكة منذ أن قامت قبل ثمانية وثمانين عامًا، وهي لا تبخل من خلال ما أنعم الله عليها من خيرات على أشقَّائها وإخوانها العرب والمسلمين، وعلى هيئات الإغاثة العالميَّة.. حفظ الله المملكة قيادةً وشعباً، وكل عام والجميع بألف خير.