حالة من التنافس تسود داخل المسجد الحرام، بين أهل مكة، والمعتمرين والزوار، على الفوز بفرصة لعقد القران داخل الحرم، فخرا وتيمنا بالبركة والسعادة المضاعفة التي يشعر بهما المشاركون في هذه المناسبة، وحفظًا لذكرى عظيمة بأن الزواج تم داخل جدران أطهر بقاع الأرض، وفي ظل الكعبة المشرفة.
ورغم قدم وعراقة هذه العادة المكية، فإنها لم تتراجع على مدار السنوات، حيث يعقد أكثر من 3000 زواج سنويا في المسجد الحرام، وسط مشاركة أهالي العروسين، بالإضافة إلى الموجودين داخل المسجد في توقيت العقد، مما ينشر البهجة والسرور في النفوس.
فخر وسعادة
وبين الفخر والسعادة اتفق العرسان على أن فوزهم بعقد القران داخل الحرم المكي، يمنحهم بركة دعاء الصالحين في أطهر بقاع الأرض، معربين عن تفاؤلهم بأن تستمر هذه المشاعر الفياضة، والبركة الممتدة معهم على مدار حياتهم الأسرية.
وأكدوا أنه لو عاد بهم الزمان، فلن يتنازلوا عن هذه الفرصة العظيمة لعقد القران في المسجد الحرام، الذي يمثل لهم شرفا، وحلما منّ الله عليهم بتحقيقه.
عادة مستحبة
واتفاقا مع الرأي السابق قال نواف حسين عبد الرحيم، مأذون شرعي: أهالي العاصمة المقدسة، وما حولها من محافظات، اعتادوا منذ القدم على عقد قران أبنائهم وبناتهم، في المسجد الحرام، تيمنًا ببركة المكان.
وأشار إلى علماء الفقه بالمذهب الحنبلي، بينهم من أفتوا بأنه من المستحبات أن يكون القران في المساجد، وأن يستقبل المأذون القبلة، فما بالنا بأن تتم هذه المراسم في الحرم المكي، وتحت ظل الكعبة المشرفة. وعلى النهج ذاته يسير المأذون الشرعي عبدالعزيز بن عبدالله بخيت موضحًا أن عقد القران في المسجد الحرام عادة قديمة عند أهل مكة المكرمة، وهم يتباركون ببيت الله الحرام.
3000 عقد
المصادر داخل المسجد الحرام، أكدت أنه يشهد سنويا أكثر من 3000 عقد قران، لمواطنين ومقيمين، من مكة المكرمة، وجدة، والطائف، والمحافظات القريبة ، بالإضافة إلى المعتمرين، والحجاج من جنسيات مختلفة أيضا، فيما أكد المأذون الشرعي، سجاد مصطفى كمال أن عقد القران في المساجد، وخاصة المسجد الحرام، هو عادة مكية قديمة، مبنية على أن كل منطلقات الحياة تبدأ من المساجد، مشيرًا إلى أن بعض الفقهاء يرون أن عقد القران داخل المسجد، من الأمور المستحبة، لأنه بحاجة إلى إشهاد، والمساجد أفضل الأماكن التي يجتمع فيها الناس فيشهدون العقد.
وكيل كلية الشريعة: أمر مباح لا بدعة فيه
الدكتور محمد مطر السهلي، وكيل كلية الشريعة بجامعة أم القرى، أكد عقد القران في المساجد، ظاهرة قديمة، ذكرها الفقهاء، وتدور آراؤهم فيها بين الإباحة والاستحباب، مشددا على أنه لا بدعة، أو محظور، في هذا الأمر، بحسب آراء العلماء.
ولفت إلى أن الإمامين، ابن القيم، وابن تيمية، أكدا أن الأعمال تتفاضل بحسب الزمان والمكان، والنكاح عبادة، تفضل هي الأخرى بحسب الزمان والمكان، لحديث أم المؤمنين عائشة، رضى الله عنها، أن النبي صلى الله عليه وسلم، عقد عليها في شوال، وقالت: «وددت بنات المسلمين يفعلن ذلك»، وأشار إلى أن عقد القران في المساجد لا بأس به.
لا لرفع الصوت
ودعا السهلي من يعقدون القران في المساجد، إلى عدم رفع الأصوات بالأهازيج، أو اصطحاب علب الحلوي هذا لا ينبغي أن تكون في بيوت الله، حفاظا على هيبة، ووقار المكان.
الجبير: رجاء البركة مستحب
من جانبه قال الدكتور هاني بن عبدالله الجبير، القاضي بالمحكمة العامة بمكة المكرمة، سابقا: إن عقد النكاح في المسجد الحرام، شائع بكثرة عند أهالي مكة وجدة؛ لقرب الحرم منهم، ولرجاء البركة، وهو أمر مستحب، موضحا أنه لم يرد في السنة القولية للنبي صلى الله عليه وسلم، أمر بذلك أو نهي عنه.
وأضاف: إن الشيخ محمد بن عثيمين، في شرحه للزاد، عند تناوله لاستحباب العقد يوم الجمعة مساء قال: «وذكر ابن القيم أنه ينبغي أن يكون في المسجد أيضا لشرف الزمان والمكان، وهذا فيه نظر في المسألتين جميعا، إلا لو ثبتت السنة بذلك، فبها ونعمت».
ولفت إلى أن القصد من جعل العقد في المسجد، هو رجاء الحصول على بركة المكان، أو لأنه أدعى للإعلان، مضيفا: «عقد النكاح في المسجد الحرام، مباح ليس من البدع ولا المحدثات، أما القول إنه مستحب فلوجود من قال بذلك من كبار العلماء.
تنافس بين المعتمرين وأهل مكة على الفوز بعقد القران في المسجد الحرام
تاريخ النشر: 06 أكتوبر 2018 03:08 KSA
3000 حالة زواج سنويا تحت ظلال الكعبة
A A