قبل ما يقرب من أربعين عاماً كنت ضمن كوكبة من المعلمين الذين تم اختيارهم للالتحاق ببرنامج تدريبي سُمي (دبلوم تكنولوجيا التعليم) ونُظم بكلية التربية بجامعة الملك سعود بالرياض.. وكان يعني الاهتمام بوسائل التعليم وما لها من أثر في الارتقاء بمستوى التربية والتعليم واختصار الوقت وايصال المعلومة بسهولة ويسر للمتلقي، وكان من ضمن أعضاء هيئة التدريس بروفيسور من سوريا وكان يشير في ثنايا محاضرته إلى استشراف المستقبل في المجال التقني ووسائل الاتصال ويطرح بعض المصطلحات كالغزو الفكري والانفجار المعرفي وتلاشي مساحة الكرة الأرضية فتصبح أشبه بقرية يمكن الوصول إليها من أي طرف من أطرافها.. وكان ذلك يقابل بالغمز واللمز من بعض الزملاء لأن بعض مفردات هذه المحاضرة يعبر عن مصطلحات وُظِّفت في غير أماكنها كالانفجار والثورة وما إلى ذلك.. ومع مرور الزمن تبين لنا أن ما أشار إليه ذلك الأستاذ القدير بدأت ملامحه تلوح في الزمن حتى وصلنا إلى ما وصلنا إليه من تقنيات عالمية مذهلة، وسأكتفي بالإشارة إلى شبكات التواصل الاجتماعي المنطلقه من الإنترنت.
- ألا ترون أنه قضى على الكثير من أوقات كثير من الناس لدرجة أنه يجتمع أفراد الأسرة الواحدة وكل واحد ممسك جواله في يده ويمكن لا يسعفه الوقت بأن يسأل الآخر كيف حالك؟
- أرى ومن خلال ما لوحظ في المجتمع أنه كان سبباً في كثير من المشكلات الاجتماعية كظاهرة الطلاق..
- لقد أدى الاستخدام غير الأمثل للجوال أثناء قيادة السيارات الى الكثير من حوادث السير.
- الإيذاء الذي يحدث من الجهلاء المتفرغين لهذا الجهاز من خلال الواتس وغيره في بعث وإرسال بعض المناظر والصور غير اللائقة دينياً وأخلاقياً.
- من أسوأ استخدامات الجوال حينما تضعه الأم في يد طفلها لتسليته وإشغاله مما قد يسبب أضرارًا صحية بالغة على الطفل سواءً على الجهاز العصبي أو البصري.
أنا لا أعترض على وسائل الاتصال وخصوصاً ما يفضي منها إلى الإيجابيات إلا أنني آمل أن يكون هناك جانب توعوي وكثيف يسهم في الحد من السلبيات ويكون للأسرة الدور الأول في ذلك من حيث تقنين استخدام الجوال.