«توفي المواطن السعودي جمال خاشقجي في شجار مع من قابلوه في القنصلية السعودية في إسطنبول» كما صرح به النائب العام، وبذلك (قطعت جهيزة قول كل خطيب)، وجاء هذا التصريح الرسمي ليوقف لغطاً إعلامياً وصخباً مفتعلاً استمر لأكثر من أسبوعين، وفي خضم هذا اللغط وهذا الصخب لم يصدر تصريح رسمي واحد من الدول المعنية إلا التصريح الرسمي السعودي، وحاول بعض المرجفين أن يزايد على تأخر صدور هذا التصريح الرسمي الذي جاء بعد الحادثة بأسبوعين، ونسي هذا البعض أو تناسى أن تركيا التي وقع الحادث على ترابها لم تصدر أي بيان أو تصريح رسمي حتى كتابة هذه السطور ليس لتقصير منها، ولكن لأن التروي في حوادث كهذه أمر مطلوب، ولابد من الدراسة المعمَّقة لكل الإحداثيات والملابسات والأدلة والقرائن المحيطة بالواقعة، لذا فإن كل ما نشرته وبثته وأذاعته وسائل الإعلام (المتعجّلة) حول هذه القضية اعتمد على أدوات الشرط: (إذا - لو - إن)، وأدوات أخرى تفيد التقليل: «ربما» و»أخواتها» (قد - يمكن أن يكون).. إلخ، إذ لم تعتمد إلا على (التسريبات) كما تسمى، وعلى تقارير مراسليها ومقابلات أجرتها مع شخوص بأعينهم تعلم تلك القنوات عن ميولهم وتوجهاتهم، وتحاول من خلالهم جميعاً الاصطياد في الماء العكر، بل بلغ بها الأمر أحياناً أن تعكر الماء لتصطاد فيه.
وقد سبقت الخطوةُ السعودية الشجاعة خطى الدول الأخرى جميعاً المعنية وغير المعنية ببيان ما حدث بعد التحقُّق والتثبت، وأخرست الألسنة المغرضة باتخاذ خطوات تبين القيمة الرفيعة للمواطن السعودي لدى ولاة الأمر، وتجسّد القدر الكبير والحرمة العالية لدم الإنسان المسلم بمعزل عن كونه سعودياً أو غير سعودي، وذلك بعدم التسامح والتهاون إزاء أي خطأ سواءً كان عمداً أو بسبب الإهمال، خصوصاً إن أدى هذا الخطأ إلى وفاة امرئ مسلم كما حصل لجمال خاشقجي رحمه الله
، وعليه وجّه خادم الحرمين الشريفين بتشكيل لجنة وزارية برئاسة سمو ولي العهد لإعادة هيكلة رئاسة الاستخبارات العامة بغرض تحديث نظامها ولوائحها وتحديد صلاحياتها بشكل دقيق، وتقييم الإجراءات والأساليب والصلاحيات المنظمة لعملها، والتسلسل الإداري والهرمي بما يكفل حسن سير العمل وتحديد المسؤوليات، ولم تقف الإجراءات والتوجيهات عند هذا الحد، بل صدرت أوامر ملكية كريمة بإعفاء نائب رئيس الاستخبارات من منصبه وإعفاء المستشار بالديوان الملكي سعود القحطاني من منصبه وإنهاء خدمات عدد من الضباط بالاستخبارات العامة، وتجري التحقيقات الآن على قدم وساق مع عدد من الموقوفين على ذمة قضية جمال خاشقجي رحمه الله والبالغ عددهم حتى الآن ثمانية عشر شخصاً جميعهم سعوديون تمهيداً للوصول إلى الحقائق كاملة وإعلانها، ومحاسبة جميع المتورطين في هذه القضية وتقديمهم للعدالة.
وأقولها صادقاً: إنه خلال سني عمري الذي تجاوز الستين لم أشهد إجراءات صارمة كهذه، اتخذت في أي دولة حيال قضية تعرض فيها أحد مواطنيها للأذى عن قصد أو عن غير قصد، بما في ذلك الولايات المتحدة الأمريكية: راعية الديمقراطية وحقوق الإنسان كما تُسمى، بمعنى أن تعاد هيكلة جهاز أمني كامل في الدولة وأن يحال عدد كبير من المشتبه فيهم إلى المحاكمة بهذه السرعة إكراماً لميت من أبناء تلك الدولة، ولو كان السبب في موته الخطأ أو الإهمال.
قالت المملكة كلمتها قبل أي دولة أو جهة معنية أخرى، وهي المسؤولة الأولى عن كرامة مواطنيها وأمنهم وسلامتهم داخل البلاد أو خارجها، شاء من شاء، وأبى من أبى.
في قضية خاشقجي «قطعت جهيزة قول كل خطيب»
تاريخ النشر: 24 أكتوبر 2018 01:22 KSA
قالت المملكة كلمتها قبل أي دولة أو جهة معنية أخرى، وهي المسؤولة الأولى عن كرامة مواطنيها وأمنهم وسلامتهم داخل البلاد أو خارجها، شاء من شاء، وأبى من أبى.
A A