كعادة المملكة العربية السعودية منذ أن شرَّفها الله بخدمة الحرمين الشريفين، وأنعم عليها بالكثير من الثروات، لا تتأخَّر أبدًا عن تقديم العون والمساعدة لكل الدول الشقيقة والصديقة عند حاجتها لذلك، حيث نراها تُسارع لتقديم المساعدات لكل محتاج، وهذا أمر لا يمكن إغفاله أو إنكاره أو تجاهله، فقد احتلت المملكة المركز الأول عالميًا في مجال تقديم المساعدات المالية والإنسانية لتلك الدول. وفي جانب الأفراد من أبناء تلك الدول، نجد أن أكثر من نصف عدد سكان المملكة مِن مختلف الجنسيات العالمية، يعملون بكل حرية داخل البلاد، وينعمون بأمنها، ويفيضون من خيراتها، لكن الغريب والمُحزن والمُؤلم، أن ذلك الدور الإنساني منقطع النظير يُواجَه من قِبَل بعض البلدان، بالنكران والجحود، بل ونرى ذلك الدعم يتحوَّل –أحيانًا- إلى سهامٍ وخناجر تُقذف باتجاه بلادنا الحبيبة، ولعلَّ واقع الحال الذي نعيشه في هذه الفترة الزمنية يكشف لنا سياسات بعض الدول ووجوهها المستترة، ولعل ما تُواجهه بلادنا الحبيبة من هجومٍ إعلامي حاقد وحاسد ومغرض غير مسبوق، قبل وأثناء وبعد قضية الأستاذ جمال خاشقجي –يرحمه الله-، قد كشفت لنا الكثير من تلك الوجوه، والسياسات المستترة لبعض الدول التي قدَّمنا لها الكثير من الدعم في مختلف المجالات، لكنها أبرزت وجهها الحقيقي لتلك الأحقاد الكامنة، وبالرغم من عِلمنا بالحِكمَة التي تقول: «كل ذي نعمة محسود»، وهي حِكمة تُؤكِّد ذلك السلوك العدواني من قِبَل بعض الحكومات والأفراد نحو بلادنا العظيمة. ثم يبقى الأهم- بعد كل تلك المشاهد- أن نقوم بإجراء فلترة وتشخيص لتلك الممارسات من قِبَل البعض، فنبني سياساتنا المستقبلية على ذلك، ونأخذها في الاعتبار، ونضع أي شخص أو دولة تهاجم المملكة في حجمها الحقيقي، ونعمل أكثر وأكثر لبناء إنسان الوطن، وتطوير المكان الذي يعيش فيه، فالمواطن هو مَن تقوم عليه حضارة الوطن وحمايته، بل ويحتاج إنسان هذا الوطن أن يحل محل الغير «الوافد» في ذلك البناء، وحتمًا سيكون المواطن هو المُبدع في كل شيء، وسيرتقي بوطنه، فلديه من الكوامن الفكرية والمهارية الكثير والكثير، التي يستوجب استثمارها، ولعلنا ونحن نخوض غمار رؤيتنا الطموحة 2030 -التي وضع المخططون لها، وفي مقدمتهم أمير الفكر والإبداع ولي العهد محمد بن سلمان، محور المجتمع الحيوي الفاعل في مقدمة محاورها- نفتح الباب ليكون المواطن السعودي هو العنصر الأساس الذي تقوم عليه تنمية وطنه. ولعلي هنا وحول هذا المحور أقترح على الجهات المعنية؛ كُلٌّ فيما يخصه، ما يلي: 1. أن يُعاد النظر في بناء نظامنا التعليمي، وعلى مختلف مستوياته واتجاهاته، بحيث يتحوَّل من تعليم الحفظ والتلقين السائد حاليًا في مساربه، إلى تعليم تنمية الفكر والمهارات. 2. وأن تُكلَّف كل شَركة، تستثمر في بلادنا، بتبنِّي طلاب الجامعات وفق تخصصاتها القائمة عليها في استثماراتها، بهدف التدريب المنتهي بالتوظيف بعد التخرج، وهنا يتم إدماج ابن الوطن ضمن تلك التخصصات، حتى يصبح مستقبلًا هو القائم عليها. 3. وضع الأنظمة الضابطة لذلك، ووضع القوانين التي تخضع لها تلك الشركات المستثمرة، ويستوجب الالتزام بها قبل التوقيع. والله من وراء القصد.