تجسد مدينة وعد الشمال الصناعية بيئة خصبة لتحقيق طموحات المواطن في العيش برفاه، وزيادة المساهمة في الناتج المحلي الإجمالي، بما يحمله ذلك من توليد للوظائف المباشرة وغير المباشرة، وتنويع مصادر الدخل وتقليل الاعتماد على النفط، إلى جانب ما تحمله المدينة من أبعاد الاستدامة الاجتماعية والاقتصادية والبيئية، التي تنعكس على حياة الفرد بشكل ملموس.
ولعل من أبرز السمات المميزة لهذه المدينة هي توفير مصدر دخل لأبناء الوطن، خصوصاً أبناء منطقة الحدود الشمالية، وصقل مهاراتهم وقدراتهم، والاستفادة من طاقاتهم، مواكبة لأهداف "رؤية المملكة 2030" وبرنامج التحول الوطني 2020، وتجسيداً لأهداف برنامج الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية.
خطط التوظيف والتأهيل في "وعد الشمال" ستسهم في خفض معدلات البطالة في المملكة، وذلك بتوليد 22 ألف وظيفة، وزيادة المحتوى المحلي بنسب عالية.
وكانت المدينة قد سجلت سبقاً خلال المرحلة التأسيسية الأولى، أي في مراحل تشييد البنية التحتية التي تولتها شركة التعدين العربية السعودية "معادن"، بتدريب وتأهيل أكثر من 2640 شاباً سعودياً في مرافقها، 85% منهم من أبناء المنطقة، عملوا لدى أكثر من 20 مقاولاً في المشروع، عبر مركز الاستثمار والتنمية المحلية الذي أسس بهدف الربط بين طالبي العمل والمقاولين والموردين، فيما استقطبت شركة معادن نحو 450 شاباً للعمل لديها، 74% منهم من أبناء المجتمع المحلي، يشغلون وظائف هندسية وفنية وإدارية، وهم من خريجي جامعات الشمال وجامعات أخرى من باقي مناطق المملكة، وآخرين من حملة الثانوية العامة، وهي أرقام في نمو مستمر، مواكبة مع ما تشهده المدينة من حراك مستقبلي لدى اكتمال مراحلها.
عمليات التوظيف والتأهيل كانت في حركة لا تهدأ، ساهم فيها شركاء الإنجاز في المدينة، مثل الشركة السعودية للخطوط الحديدية (سار) التي استقطبت حديثي التخرج من المنطقة الشمالية لتدريبهم على مهارات قيادة القطارات وصيانتها في المعهد السعودي التقني للخطوط الحديدية (سرب) في مدينة بريدة، بالإضافة إلى الهيئة العامة للموانئ، التي اشترطت نسباً عالية من المواطنين السعوديين في العقود التي تبرمها مع القطاع الخاص، فيما استفادت شركة المياه الوطنية من الكوادر السعودية الشابة في المنطقة، وذلك في تنفيذ أعمال مشروع نقل المياه المعالجة إلى وعد الشمال، عن طريق استثمار مواهبهم وخبراتهم وصقلها بما يحقق الفائدة لهم وللمشروع. وكانت عملية الإشراف والتوجيه وإدارة البرنامج تتم من قبل فريق سعودي مؤهل في المركز الرئيسي للشركة بمدينة الرياض.
وكان لمحطة التوليد المركبة، التي تعمل على إنشائها الشركة السعودية للكهرباء، دوراً حقيقياً في توطين صناعة الطاقة الكهربائية، ونقل المعرفة والخبرات إلى أبناء الوطن، وبدورها لعبت الهيئة السعودية للمدن الصناعية ومناطق التقنية «مدن» دوراً مميزاً في توظيف أبناء المنطقة في جميع المشروعات، بناءً على الاحتياج الوظيفي، حيث أعلنت عن الوظائف الشاغرة عبر قنوات "مدن" الرسمية للتوظيف.
ولكي تستمر عجلة النجاح والتقدم بخطى ثابتة، أبرمت المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني شراكة استراتيجية مع شركة "معادن"، لإنشاء المعهد الوطني للتعدين في المدينة، لتخريج فنيين سعوديين متخصصين، وفي الوقت الذي لا يزال فيه المعهد قيد الإنشاء، استفادت المدينة من مخرجات المعهد السعودي التقني للتعدين في مدينة عرعر، الذي نجح في تأهيل وتدريب أكثر من 500 شاب سعودي.
وفي الأثر الاجتماعي لـ "الوعد"، أسست شركة معادن بالتعاون مع وزارة التعليم مدرستين للتميز العلمي في عرعر وطريف، باستثمارات تجاوزت 150 مليون ريال، وتقدم المدرستان محتوى علمي بأساليب حديثة، من أجل تأهيل الطلاب على تسلم دفة القيادة في مشاريع المنطقة الصناعية، ومنها "وعد الشمال".
ولم تغفل "وعد الشمال" البعد الاقتصادي في الاستدامة، من خلال تسهيل سبل الاستثمار في المنطقة، وتوفير حوافز مميزة للمستثمرين مثل التأجير طويل المدى للأراضي الصناعية الجاهزة وبأسعار تنافسية، وتسهيل الحصول على قروض تصل حتى 75% من تكلفة المشروع، ومن الميزات المقدمة للمستثمرين أيضاً الإعفاء الجمركي على التصنيع والمواد الخام، بالإضافة إلى تشجيع الموردين على الإنفاق على المشتريات المحلية، مما يسهم في دعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة، كما ساهم في توسعها وفتح آفاق جديدة للشباب السعودي.
أما مبادرات استدامة البيئة في وعد الشمال، فجلها يرمي إلى جعل المنطقة أكثر ملاءمة للعيش بطريقة صحية وسليمة، وفي هذا الصعيد شغّلت الهيئة السعودية للمدن الصناعية ومناطق التقنية "مدن" محطة مراقبة جودة الهواء في مدينة "وعد الشمال" لتقييم جودة الهواء، ورصد البيانات المناخية في المنطقة وربطها بأنظمة إدارة البيئية.
من جهتها، ابتكرت شركة "معادن وعد الشمال للفوسفات" حلولاً عملية لتحسين كفاءة استهلاك الطاقة والمياه، والاستغلال الأمثل للموارد المتاحة، والتخلص من المواد المستنفدة عبر إعادة التدوير والمعالجة، وتأمين استدامة طويلة الأمد للأعمال، والموظفين، والمجتمع المحيط بمشروعات الشركة، فيما حرصت الشركة السعودية للخطوط الحديدية (سار) في تصاميم العربات والقاطرات وأنظمة التشغيل على اتباع مواصفات عالمية لضمان الأمن والسلامة، تتميز بأنظمة عزل حراري، وتجهيزات سلامة تتمثل في صمامات أمان مانعة للاحتراق، إضافة إلى أنظمة تسخين في كل عربة، يتم من خلالها الحفاظ على درجة حرارة الكبريت عند وصوله إلى المرافق الصناعية في وعد الشمال إلى مستوى 140 درجة مئوية، لتسهيل عملية التفريغ، كما أن كل قاطرة مزودة بكاميرات مراقبة أمامية وخلفية HD لضمان السلامة العامة وسلامة العربات، إضافة إلى نظام إشعار متطور لمراقبة عمل العربات على الخط الحديدي أثناء النقل، يقوم بتنبيه طاقم القيادة عن أي خلل.
وشكل وجود خط حديدي لنقل الكبريت المصهور وحامض الفوسفوريك إلى مدينة وعد الشمال حلاً عملياً ساهم في إزاحة آلاف الشاحنات عن الطرق يومياً تنقل الكمية ذاتها، الأمر الذي ترتب عليه توفير 70% من الوقود المستهلك في نقل الحمولة نفسها بالشاحنات، فضلاً عن خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بنسبة 75%، إضافة إلى الدور الحيوي للقطارات في توفير السلامة على الطرق وخفض نسبة الحوادث بإذن الله.
ومن ضمن مبادرة الحفاظ على البيئة، استخدام مياه الصرف الصحي المعالجة للحفاظ على البيئة، والتي تجريها شركة المياه الوطنية، جنباً إلى جنب مع مبادرتها لتشجير المنطقة بزرع 44 ألف شجرة.
كما كان للشركة السعودية للكهرباء مساهمة فعالة في إنشاء محطة تعمل بنظام الدورة المركبة المتكاملة(ISCCP) ، ستعمل على تقليل انبعاثات الكربون وأكاسيد النيتروجين، إضافة إلى ما سيحققه استخدام المحطة للطاقة الشمسية من توفيرٍ هائلٍ في الوقود المكافئ.