«كادَ المُريبُ أن يقولُ خذوني»، فالسيل العَرِم الذي يندفع نحو مملكتنا قيادةً وشعبًا عبر صحف وقنوات إعلاميَّة معروفة بعمالتها لنظام يعمل على تصدير مذهبه الطائفي إلى بلدان العالمين العربي والإسلامي كافَّة، ليبسط نفوذه، تنتهز قضية اغتيال المواطن السعودي الأستاذ جمال خاشقجي -يرحمه الله- لنفخ السموم وتوظيف المرتزقة للقيام بحملات غير أخلاقيَّة تستهدف أمن بلادنا واستقرارها.
ما يقوله المرتزقة عن وجود تسجيلات بالصوت والصورة للجريمة التي أدمت قلب كلِّ مواطن سعودي وقلوب الشرفاء في العالم، تدعونا للتوقُّف قليلًا لنتساءل عن مصادر معلومات هؤلاء المروِّجين لتلك الأخبار وصحَّة توثيقهم لما يزعمونه أنَّه من أجهزة تصوير وتسجيل دُسَّت داخل مبنى القنصليَّة وسكن القنصل العام السعودي قبل وقوع الجريمة.. لكأنَّهم كانوا داخل مبنى القنصليَّة يوم اختراقها الأول لزرع أجهزة التصوير والتنصت، ومن بعد يوم من حادثة القتل، إن صحَّت روايتهم.
هل يا ترى هم مَن زرعوا أجهزة التسجيل والتصوير المخفيَّة داخل مكاتب القنصليَّة وسكن القنصل العام؟.. ولحساب أيِّ جهاز من أجهزة الاستخبارات المحلِّية أو الإقليميَّة أو العالميَّة؟! وإذا كانوا على عِلمٍ مسبق باستدراج الأستاذ جمال خاشقجي -يرحمه الله- إلى مبنى القنصليَّة ليلقى حتفه -كما يزعمون- أَمَا كان أجدر بهم تنبيه الأمن التركي لما قد يحصل لتفادي حصوله؟!.
يقودنا الشك في أمرهم إلى اليقين بأنَّهم يعملون لصالح فئة أو جماعة أو دولة دأبت على زرع الفتن وإشعال الحرائق في دول العالم العربي، على غرار ما شاهدناه في العراق وسورية وليبيا واليمن، لتمزيق لحمة النسيج العربي السعودي، وسداه الممتدُّ فوق تراب الوطن من خليجهِ إلى بحره. هذا النسيج الذي يزداد متانة وقوَّة عامًا بعد عام، وفاتهم أنَّ الشعب السعودي يقف خلف قيادته ويثق بوليِّ أمره؛ خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز يحفظه الله، ويؤيِّد كلَّ ما اتَّخذه من إجراءات وتوجيهات لإجراء تحقيق مهني عادل في أمر الاغتيال. وثقتنا مُطلقة في قضائنا وفي تعامله مع المتورطين في حادثة الاغتيال، ونزاهته، وإحقاق الحقِّ ومعاقبة المسيء.
وبما أنَّ لكلِّ جريمة، كتلك التي وقعت في اسطنبول، أشخاص يُسهِّلون تنفيذها، أقترح أن يتّجه التحقيق لطلب شهادة آخرين من خارج المملكة، للتحقق فيما إذا كان هناك من ساعد مجموعة القتلة.. وما إذا كانوا من الطابور الخامس الذي تعمل عناصره على إساءة العلاقات بين المملكة والدول الصديقة! فحادثة كتلك مع تداعياتها وما أثير حولها من ضجيج إعلامي، ومن قيل وقال داخليًّا وإقليميًّا وعالميًّا من الممكن أن تُحدِث شرخًا في علاقات المملكة بأصدقائها إلى أن تنتهي الاجراءات القضائية. ويظلُّ شكُّ يقيننا، أصدق من يقين شكِّهم.