تتألم صالحة، وقد أصبحت أمًّا ولا يزالُ أثر التنمَر في طفولتها، يوقظ الحزن وشعور القهر في روحها..
يبكيني مقطع لطفل، مرّ عليه ربما سنين لكنّي أشاهده اليوم وشرذمة من الأطفال يحومون حوله ويضربونه فيخرّ باكيًا يعصره شعورالانكسار..
تنتحر طفلة بعد تنمّر صديقاتها الطويل عليها ومعلماتها ومجتمعها الذي جعل منها فريسة للإحباط والاستسلام..
يا الله.. موجعة تلك القصص وغيرها الكثير الكثير، ما أقسى شعور الطفل حتى الكبير بأنه وحيد مستضعف، كل من حوله يسخر منه، يضربه، يحاول النيل منه، ودون أسباب إلا شخصيته التي نمت في سلام، فكانت سلامًا.. أو نمت في جبروت فكانت ضعفاً!!
من أين تشبَّع هؤلاء الأطفال التنمَر والقسوة على أصدقائهم؟ ما الخلل الذي يسكن نفوسهم ليفرغوه في (أهل السلام)..؟
ما المتعة التي يجدها طفل أو بالغ في استضعاف غيره أو التقليل من شأنه في ظلمه، في قهره، في تمزيق سكينة روحه وشعور الأمان داخله، أرجوكم الموضوع أكبر من تجاهله، أكبر بكثير من القضايا التي أشغلتنا، أكبر حتى من جرائم القتل، إنه قتل مستمر يتمّ كل يوم، استشعروا معنى القتل، معنى أن ينام أحدهم حاملاً همّ سخافة وقسوة من حوله غدًا، هذا يعني أنه لا يهنأ، لا يستمتع بالحياة، لا ينتج، لا يعيش..!!
أرجوكم علّموا أبناءكم أنهم ومن حولهم أخوة من نفس البطن، بطن حواء، بطن الدين، بطن أمّة محمد، علّموهم كيف يتراحمون بينهم ويشعرون بمن حولهم ويقفون مع الضعيف وينصرونه، علموهم ألا يكونوا غصّة في حنجرة أحدهم، ألا يكونوا سبباً في ألم وانكسار شخص ما.. وأن الأيام تدور..
والحديث حتى للكبار فلكم أن تتعجبوا مثلي حين تقول إحداهن أنها تعاني من تنمُّر صديقاتها وسخريتهن، رغم كونهن جميعًا معلمات وكرهت العمل بسببهن..!!
وأخيراً رجاء خاص لكل معلم ومعلمة، رجاء مغلَف بالتوسل والدعوات.. إنقاذك لنفسية طالب من بؤرة الحزن والظلم يساوي كل مناهج الدنيا.