.. مرة شاركت في ملتقى إسلامي بجنوب أفريقيا، وكانت فرصة سانحة لأن ألتقي بعدد من أبناء من نسميهم بالجاليات الإسلامية، وحرصت أن أعرف أحوالهم وأبرز المشاكل التي يواجهونها، وذهلت عندما أجابني بعضهم بأنهم لا يعانون من غربهم مثلما يعانون من الجماعات والتنظيمات الإسلامية..!!
****
.. قالوا: «يحسبوننا من أحجار بيوتهم وكأن ليس لدينا أوطان»،.. «يريدون أن يجعلوا منا شياطين قذرة في بلداننا»،.. «لهذه التنظيمات أن تساعدنا -إن أرادت- دون أن تتدخل فينا»..!!
****
.. وتساءل مفكر إسلامي من إحدى الدول الغربية: لماذا يجعلون بين الدين والوطن عداء؟ هل أكره بلدي المسيحي كي أكون مسلمًا؟.. بمقدورك أن تكون دينيًا ووطنيًا..
****
.. تذكرت هذا الكلام وأنا أقرأ رسالة راشد الغنوشي رئيس حزب النهضة التونسي المحسوب على جماعة الإخوان والتي بعث بها إلى الاجتماع الخاص بالتنظيم العالمي للجماعة الذي عقد في اسطنبول تحت شعار «شكرًا تركيا».. الرسالة كانت بمثابة الصفعة قال فيها: «أنا مسلم تونسي، تونس هي وطني، وأنا مؤمن بأن الوطنية مهمة وأساسية ومفصلية، فلن أسمح لأي كان أن يجرّدني من تونسيتي ولن أقبل أي عدوان على تونس حتى لو كان من أصحاب الرسالة الواحدة»..
****
.. طبعًا هذا الكلام مهم جدًا جدًا، فهو جاء من داخل البيت الإخواني، ولعله يمثل بداية انعتاق عن الفكر الإخواني المؤدلج..
****
.. وإذا كان الغنوشي صدم (الإخوانيين) وفاجأ حتى المتابعين إلا أن هذا التغيير ربما بسبب النضج في التعاطي مع المرحلة ومع الظرف التي تمر به تونس والتي قد لا تحتاج إلى مزيد من إشعال فتيل الفتن، وأيضًا في الوصول إلى قناعات بويلات الفكر الإخواني وما يجره من دمار للشعوب والأوطان..
****
.. ففكر جماعة الإخوان المسلمين لا يكترث بالشعب ولا بالهوية الوطنية..
****
.. حسن البنا يقول في رسائله «الإسلام هو الوطن والجنسية».. وسيد قطب يقول «جنسية المسلم عقيدته»..
****
.. هذا مجرد شعار وهم وتضليل ومحاولة لتسييس الإسلام من أجل أيدلوجيات العنف والتطرف.!!
****
.. وهذا الفكر أول ما احترق بنكباته شعوبهم ومجتمعاتهم وأوطانهم التي يعيشون فيها..
****
.. يريدون للتونسي أن يغتال التوانسة في شارع بورقيبه، ولليبي أن يقتل الليبيين ويدمر منازلهم على رؤوسهم في مسراطه، وللمصري أن يهاجم جنود وطنه في سيناء..!!
****
.. وهو ما جعل الغنوشي يصرخ في وجوههم: «أنا وبالفم الملآن أعلن لكم أن طريقكم خاطئ وجلب الويلات على كل المنطقة.. فأين أنتم ذاهبون؟ اتقوا الله في أوطانكم وشعوبكم».