الشعراء الذين مدحوا الرسول صلى الله عليه وسلم من الصحابة والصحابيات رضي الله عنهم وأرضاهم فاق عددهم المائة والستين، وما أكثر أبيات الشعر التي قيلت مدحاً في الحبيب صلى الله عليه وسلم، ومنها قول سيدنا حسان بن ثابت رضي الله عنه:
وأحسن منك لم تر قط عيني وأجمل منك لم تلد النساء
خُلقت مبرأً من كل عيب كأنك قد خُلقت كما تشاء
وقال في سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم عمه سيدنا العباس رضي الله عنه بعد العودة المنصورة من غزوة تبوك، وقد ورد هذا في كتاب (المواهب اللدُنِّية بالمنح المحمدية) للشيخ أحمد بن محمد القسطلاني المتوفى عام 923 هـ
من قبلها طبت في الظلال وفي مستودع حيث يخصف الورق
ثم هبطت البلاد لا بشر أنت ولا مضغة ولا علق
بل نطفة تركب السفين وقد ألجم نسراً وأهله الغرق
تنقل من صالب إلى رحم إذا مضى عالم بدا طبق
وردت نار الخليل مكتتما في صلبه أنت كيف يحترق
حتى احتوى بيتك المهيمن من خندف علياء تحتها النطق
وأنت لما ولدت أشرقت الأر ض وضاءت بنورك الأفق
فنحن في ذلك الضياء وفي الـ ـنور وسبل الرشاد نخترق
وكذلك من قبل قال عنه عمه أبو طالب:
وأبيض يستسقى الغَمام بوجهه ثمال اليتامى عصمة للأرامل
يلوذ به الهلَّاك من آل هاشم فهم عنده في رحمة وفواضل
وأقر الرسول صلى الله عليه وسلم بيت الاستسقاء في المدينة المنورة حينما أقحط أهلها واستسقى لهم الرسول صلى الله عليه وسلم فسقاهم الله حتى كادوا أن يغرقوا، فقال صلى الله عليه وسلم (اللهم حولينا ولا علينا) فأصبح السحاب كالكليل على المدينة فقال صلى الله عليه وسلم: لو أدرك أبو طالب هذا اليوم لسره فقال له صلى الله عليه وسلم بعض أصحابه كأنك يا رسول الله أردت قوله:
وأبيض يستسقى الغمام بوجهه ثمال اليتامى عصمة للأرامل
فقال صلى الله عليه وسلم: أجل.
وقال سيدنا كعب بن زهير رضي الله عنه مادحاً الرسول صلى الله عليه وسلم وفي حضرته عليه أفضل الصلاة والسلام:
إن الرسول نور يستضاء به مهنَّد من سيوف الله مسلول
ورمى صلى الله عليه وسلم ببردته لسيدنا كعب رضي الله عنه تكريماً له وللقصيدة ولهذا البيت..
وهذا قليل بل نزر قليل مما قيل مدحاً له وفيه صلى الله عليه وسلم وحتى الكثير لا يوفيه حقه صلى الله عليه وسلم لأن الله عز في علاه بقدرته وعظمته يرضيه في الآخرة وهي خير له صلى الله عليه وسلم من الدنيا. لأن العلي الكبير الكريم قال في محكم التنزيل (وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى، وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّك فَتَرْضَى) {الضحى 4 ، 5}.
ومما يؤسف له أن نفراً متمشيخاً ينكر مدح سيدنا حسان رضي الله عنه للرسول صلى الله عليه وسلم في بيته الشعري القائل فيه:
خلقت مبرَّأ من كل عيب كأنك قد خلقت كما تشاء
ويقول هذا النفر أن في البيت الشعري مبالغة لا ينبغي أن تقال، وجهِل هذا النفر أن البيت قيل في حضرته صلى الله عليه وسلم وأقره صلى الله عليه وسلم. أيريد هذا المتمشيخ أن يعدل على سيدنا حسان رضي الله عنه أم يريد أن يعدل على الحبيب صلى الله عليه وسلم ويفهمنا انه هو بإنكاره البيت أفضل من الحبيب صلى الله عليه وسلم عقيدة وفقهاً؟!!. نستغفر الله مما يقول البعض ومما تملي عليهم شياطينهم باسم الغيرة على الدين وعلى العقيدة.
وما اتكالي إلا على الله ولا أطلب أجرا من أحد سواه.