Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أ.د. عادل خميس الزهراني

«مشرَّع للصلاة»: مرة أخرى

A A
كما كان متوقعاً أثار مقالي الأسبوع الماضي (مغلق للصلاة: دعوة للتأمل) نقاشاً وجدلاً بين القراء، لما تضمنه من أسئلة حول موضوع يعده البعض شائكاً، وإن كنت أراه محسوماً وواضحاً لا يحتاج لكل هذا القلق أو التأخير.

وكالعادة فقد نلتُ نصيبي من ردود الفعل المتشنجة التي جعلت مناقشتي للموضوع «مطالبة سفيه»، و»دعوة شيطانية» يهدف من خلالها «سقيم العقل» إلى «هدم ركن من أركان الإسلام». لغة السب والشتم والتخوين هذه أصبحت عادة -كما تعلمون- لكل من يحاول أن يناقش موضوع إغلاق المحلات وقت الصلاة وغيرها، رغم أنها لغة لا تمت للصلاة وقيمها بأية صلة، لكني سأتجاوز هذه النقطة لأعلن رأيي الصريح هنا، مرة أخرى:

نعم.. أنا أرى أن إغلاق المحلات (القسري) أوقات الصلوات أمرٌ لا مكان له في هذا العصر، كما أن سلبياته الاجتماعية والاقتصادية تطغى على كل ما يظن أنها «إيجابيات» يدفعها حسن النية الذي يقبع كثيراً في عالم الأحلام البعيد عن الواقع.

حاول مقال الأسبوع الماضي تصوير حالة التعقيد التي يعيشها الإنسان في هذا البلد، لكي يعيش حياة طبيعية، مقابل البساطة والمرونة الفطرية التي تسم حال العبادة وارتباط المسلمين والمسلمات بها. ركز المقال على حالات معدودة في مكان محدود هو المقهى، الذي يُغلق وتطفأ فيه الأنوار، وتقف فيه الخدمة، مقابلَ اهتمام الشباب والشابات الفطري بالصلاة حيث يفترشون ويفترشن أرضية المقهى للصلاة في منظر مريح للعين والقلب.

خارج المقهى.. أنا أؤمن أن إغلاق المحلات وقت الصلاة لم يعد مبرراً، كما ذكرت، بل إن أضراره في رأيي أصبحت أكبر بكثير من فوائده المرجوة، ويكفي أن ننظر إلى ما يسببه من تعطيل يومي للروتين الاجتماعي، هذا ينطبق على الفرد والمجموعة، إذ يصبح الإنسان في حالة أشبه ما تكون بالمطاردة حين يخرج من بيته عصراً للتسوق أو إنجاز عمل ما، حتى تبدأ الأبواب بالإغلاق، وهكذا يجد يومه يضيع دون أن ينجز -أحياناً- أمراً واحداً مما يريد إنجازه.. لقد أصبح إغلاق المحطات والصيدليات والمحلات والأسواق والمقاهي هاجساً يومياً للإنسان في هذه البلاد.

ناهيك عما يسببه الإغلاق من أضرار اقتصادية وتجارية، يكفي أن نتخيل منها أن الحياة التجارية تتوقف أربع مرات يومياً لساعات، بالإضافة إلى تلاعب العمال وعدم التزامهم (بعيداً عن حرصهم على الصلاة من عدمه)، وإعطائهم -أي العمال- سلطة وذريعة للتسيب أربع مرات في اليوم. ولا يمكن أن نغفل ما في الأمر من فرض للوصاية على أفراد مجتمع حريص كل الحرص على دينه وشعائره. ويبقى منظر تجمّع النساء وجلوسهن عند أبواب المحلات المغلقة للصلاة منظراً (محلياً) مزعجاً.. لا أعلم -حقيقة- كيف نجد له تفسيراً منطقياً.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store