* أطلقت «قوقل Google » مؤخراً موقعًا جديدًا أسمته «المَقْبَرة»، لِتُحيي فيه ذكرى مشروعاتها التي لم ترَ النجاح، وتضم مقبرتها تلك «44 مشروعًا» أعلنت إطلاق بعضها منذ عام 2004م، وتضم شواهد لكل مشروع منها على حدة، يُعرِّف بالمشروع وسنوات عمله وسبب إخفاقه؛ ومن أبرز تلك المشروعات: «غوغل بلس» الذي انتشر خلال الفترة 2011-2018م، وأنهته «قوقل» بسبب عدم إقبال المستخدمين من جهة، وبعض المشكلات الفنية من جهة أخرى.
* فإذا كانت تلك الشركة العملاقة تَدفن مشروعاتها الفاشلة إلكترونيًا؛ فإن طائفة من المجتمعات - للأسف الشديد- أصبحت تَقْبُر أوقات حياتها ونجاحاتها في الإنترنت وبرامجها الإلكترونية؛ ومنها «المجتمع السعودي»؛ الذي جاء في المركز الأول عالميًا في الاستخدام السنوي لمواقع التواصل الاجتماعي، بنسبة تجاوزت «32% »، وذلك وفق دراسة إحصائية صدرت الأسبوع الماضي، وقد شملت «40 دولة حول العالم»، وكانت تحت عنوان العالم الرقمي في 2018م، عبر منصة إدارة شبكات التواصل (هوت سبوت)، وتلك الدراسة أكدت بأن السعوديين يقضون «ساعتين و34 دقيقة يوميًا» في أحضان شبكات التواصل الحديثة!.
* وتلك الساعات التي يحضر فيها السعوديون كل يوم في «مواقع التواصل» تتضاعف إذا أضفنا لها مدة سُكْنَاهُم وتصفحهم للبرامج والمواقع الأخرى لتصل لـ»6 ساعات و45 دقيقة يوميًا»!
* وهنا المجتمع السعودي تقني بامتياز -كما أكدتُ ذات مقال-؛ فعدد مستخدمي الإنترنت فيه تجاوز (30,25 مليون شخص)، وزادت فيها نسبة حاملي الهواتف الذكية على (96%)، وحسابات التواصل الاجتماعي النشطة في المملكة وصل إلى (25 مليون حساب)، فالسعوديون شَغوفون جدًا بها؛ فلهم الصدارة العالمية في نِسَبِ متابعةِ معظمها كـ(تويتر، واليوتيوب، وسناب شات)؛ وبالتأكيد الخدمات الإلكترونية تطوَّرت كثيرًا في بلادنا، فإفادة المجتمع منها، ومن الإنترنت، في نشر دينه وثقافته، وفي الدفاع عن وطنه، وكذا مما تحمله من ثروة معلوماتية رائع وإيجابي جدًا.
* ولكن الواقع يشهد بأنّ معظم استخداماتنا لـ»الإنترنت» وبرامجها ومواقعها تدور في فلك أمور وصفحات لا فائدة منها؛ فهناك مثلًا متابعة المشاهير وأخبارهم، والتّرفيه والطْقْطَقَة على هذا أو ذاك، ونقل الشائعات وصناعات الهاشتقات اليومية في قضايا سطحيّة جدًا!
* فما يحدث إنما هو هَدر كبير للأوقات وقَبْرٌ لها في الإلكترونيات؛ وهذا له تأثيراته السلبية ليس على الأفراد وأُسَرِهِم وتواصلهم، بل على المجتمع وتنمية الوطن؛ ولذا فنحن أمام ظاهرة وأزمَة حقيقية تتطلب دراسات تُفَتِّشُ عن الأسباب، ومن ثَمَّ تَضعُ برامج تطبيقية وفاعلة للمعالجة.