قُتل 73 شخصًا على الأقلّ وأصيب 75 آخرون بجروح في حريق أنبوب نفط في وسط المكسيك حيث كان سكّان محلّيون يحاولون الحصول على النفط المتسرّب في أوجّ حملة شاملة تشنّها الحكومة لمكافحة سرقة المحروقات.
وقال عمر فياض حاكم ولاية إيدالغو حيث وقعت الكارثة الجمعة إنّ "الحصيلة التي وصلتنا هي 66 قتيلاً و76 جريحًا" وذلك بعد لقائه الرئيس المكسيكي اندريه مانويل لوبيز اوبرادور في مكسيكو. ولاحقاً، ارتفعت حصيلة الضحايا إلى 67 قتيلاً.
وهو أحد انفجارات أنابيب النفط الأكثر دمويّةً في العالم منذ 25 عامًا.
وصباح السبت، توجّه سكّان إلى مكان المأساة بحثًا عن أقاربهم المفقودين، ووجدوا تقنيّين يرتدون الأبيض يسحبون جثثًا متفحّمة توزّعت في حقل التهمته النيران.
واندلع الحريق في بلدة تلاويليلبان في ولاية إيدالغو على بعد نحو 105 كيلومترات شمال العاصمة مكسيكو. ودفع تسرّب النفط من الأنبوب عشرات السكّان المحلّيين وبينهم عائلات بأسرها، إلى القدوم لتعبئة غالونات من النفط.
وبعد ساعتين على التسرّب "علمنا بحصول انفجار" بحسب الحاكم الذي أشار إلى أنّ "ألسنة النيران كانت تلتهم كلّ شيء في محيط" أنبوب النفط. وأوكل المدعي العام بالوكالة أليخاندرو غيرتز التحقيق، وتحدّث عن عمل يُحتمل أن يكون "متعمّدًا" لأنّ "شخصًا ما ثقب (الأنبوب) والحريق هو نتيجة هذه الجريمة".
من جهته، أعلن الرئيس المكسيكي الذي توجّه إلى موقع الكارثة فجر السبت، أنّ تحقيقًا سيُفتح بإشراف المدعي العام. وقال حاكم ولاية إيدالغو لقناة "فورو تي في" المحلّية "نعرف أنّ الحادث مرتبط بعمل غير قانوني وكانت السلطات المعنيّة تتابعه أساسًا". وكان الخبراء يعملون السبت على سحب جثث متفحمة من الموقع الذي يتولّى حراسته جنود، فيما لا تزال رائحة الدخان منبعثة في الهواء. وعرضت وسائل إعلام لقطات لعشرات الأشخاص يقومون بجمع النفط الذي كان يتدفق بكميات كبيرة، من مكان التسرّب. وبعد ساعات، بثّت لقطات للحريق بينما كان الناس يهربون في حالة هلع ويستغيثون فيما ظهرت جثث متفحّمة على الأرض.
وصرح فرناندو غارسيا (47 عامًا) لوكالة فرانس برس "ذهبت لأرى ماذا يحدث ووقع الانفجار. أسرعت لمساعدة الناس". وأضاف "مررت بين رفات أشخاص احترقوا بالكامل". قرابة منتصف ليل الجمعة، أعلن وزير الأمن في الحكومة الفدرالية ألفونسو دورازو أنه تمت السيطرة على الحريق.
من جهتها، أعلنت شركة النفط الوطنية "بيميكس" أنّ حريقًا آخر اندلع بسبب سرقة نفط من أنبوب في منطقة صحراوية بولاية كويريتارو بوسط البلاد، لكن لم يسقط ضحايا وليس هناك خطر على السكان.
-سرقة محروقات - تأتي هذه الحادثة بينما تنفذ سلطات المكسيك استراتيجية وطنية لمكافحة سرقة المحروقات التي تسببت بخسائر بقيمة ثلاثة مليارات دولار للدولة المكسيكية في 2017. وتفيد أرقام رسمية أنّ أكثر من عشرة آلاف عمليّة سرقة من هذا النوع سجّلت في السنة نفسها من أنابيب شركة النفط "بيميكس".
وتقوم عصابات إجرامية وعائلات فقيرة بجمع النفط بطريقة غير قانونية لإعادة بيعه في السوق السوداء، خصوصا في ولاية بويبلا في وسط البلاد. وتشكلت حول هذه الممارسات غير القانونية ثقافة محلية تتضمن أغاني شعبية ورسوما لشخصيات دينية تحمل غالونات وأنبوبا بلاستيكيا. وفي بعض المناطق، تقوم محطات رسمية للوقود ببيع المحروقات المسروقة.
وأغلقت الحكومة التي تسعى إلى وقف هذه الظاهرة، منذ أسابيع عددا من أنابيب النفط. وتسببت هذه الاستراتيجية بنقص في المحروقات في نحو عشر ولايات في البلاد بما في ذلك في العاصمة، حيث تشاهد صفوف انتظار طويلة في محطات الوقود، وإن كان الوضع يعود تدريجيا إلى طبيعته في مكسيكو، خصوصا بسبب وصول إمدادات بشاحنات.
وفتحت السلطات 1700 تحقيق متعلق بسرقة المحروقات التي تحولت إلى صناعة مربحة للسوق السوداء في عهد الحكومة السابقة، تشارك فيها عصابات تهريب المخدرات النافذة وعاملون في شركة النفط الوطنية "بيميكس".
وكان الرئيس لوبيز أوبرادور الذي تولى مهامه في الأول من كانون الأول/ديسمبر الماضي، دعا المكسيكيين إلى التحلي بالصبر وسط هذه الفوضى.
وفي مكان الانفجار في تلاويليلبان، دان كثيرون هذا النقص. وقال مارتن تريخو (55 عاما) الذي كان يبحث عن ابنه الذي توجه إلى المكان للحصول على نفط "كثيرون قدموا مع عبواتهم بسبب نقص الوقود الذي نشهده".