كثیراً ما كانت تتوارد إلى مسامعي كلمة «حوكمة» وخاصة عندما یتطرق الحدیث عن بعض إنتاجیة المنشآت والدول التي تكون فیها الشفافیة عالیة.. كنت أجهل كثیراً من جوانب هذا المصطلح قبل أن أعمل في مجال المراجعة الداخلیة وأتعمق في عالمها.. وحقیقةً العتب علینا نحنُ كمهنیين في المجال الرقابي للعمل على نشر الثقافة التي تمثل أهمیة في الوقت الراهن بل وضرورة ملحة لكثیر من الاعتبارات التي سأنشرها هُنا..
دعونا في البدایة نقدم تعریفاً للحوكمة: وهي مجموعة التشریعات والسیاسات والهیاكل التنظیمیة والإجراءات والضوابط التي تؤثر وتشكل الطریقة التي توجه وتدیر المنشأة سواء حكومیة أو خاصة لتحقیق أهدافها بأسلوب مهني وأخلاقي بكل نزاهة وشفافیة وفق آلیات للمتابعة والتقییم ونظام صارم للمساءلة لضمان كفاءة وفعالیة الأداء من جانب، وتوفیر الخدمات بعدالة من جانب آخر.. باختصار فإن الحوكمة هي الترتیبات التي تقوم بها المنشأة من أجل ضمان تحقیق النتائج المطلوبة من قبل الأطراف وبهذا التعریف یمكن أن نستقي منها أن مهنة طرق تجنب القصور في العمل یُعد دافعاً مهماً للأداء في نشاط الأعمال وهو أن یكون لدى المنشأة نظام فعّال للرقابة الداخلیة عن طریقها یمكن مواجهة المخاطر ویمكن إضافة قیمة للمنشأة والحفاظ علیها..
في العُرف المهني نسمع عبارة تتردد ألا وهي.. المنشأة الناجحة من تقتنص الفرص وتستفید من منافعها ومزایاها.. وكیف تواجه التهدیدات وتتعامل معها.. فعلیاً قد نتفق أو نختلف مع هذا العُرف ویكون نجاحها وتمیزها من خلال تطبیق نظام فعّال للرقابة والمكونات الرقابیة التي هي الركیزة الأساسیة في نجاح أو تمیز أي منشأة.
إن غیاب ثقافة الحوكمة لدى الكثیر من القطاعات سواء خاصة أو عامة تكلف الكثیر من الدولة وتؤثر على قدرتها الإنتاجیة بل وتقدمها وطرق سهلة للهدر المالي والبشري.. خلال مسیرتي العملیة وإطلاعي في مجال التدقیق والمراجعة الداخلیة أرى بأن اعتماد النجاح المتواصل للمنشآت یقوم على سلامة الطریقة التي قامت بها هذه المنشأة من دمج نظامي إدارة المخاطر والرقابة الداخلیة في نظام أوسع للحوكمة كجزء لا یتجزأ من النظام الشامل بها الذي یتضمن كافة الأنشطة ومراحل اتخاذ القرارات.. حیث یمثل نظام الحوكمة المتكامل جزءاً لا یتجزأ من عملیة إدارة أي منشأة تتسم بالانضباط.
ومصطلح «الحوكمة الرشیدة» من الطبیعي أن یتصف بعدة صفات تمیزه وهي: الشفافیة، المشاركة، التجاوب، التوافق، النزاهة والقانون، الكفاءة والفعالیة، المساءلة والمحاسبة، العدل والشمولیة.
لكي تستطیع المنظمات والمنشآت القیام بدورها على أكمل وجه علیها تنفیذ عناصر الحوكمة الرشیدة في عملیاتها الیومیة، من خلال تطبیق أفضل الممارسات والخبرات العالمیة الفعالة.