كثرت في شوارعنا حوادث المرور، من زاوية المشاجرة والتشاحن، وربما القتل أو الإيذاء، وأصبحت القيادة مشكلة فيمن يتحرَّش أو يقتل لأجل موقف، أو تزاحم في الشارع؛ الأمر الذي ينجم عنه صدام وربما جريمة جنائية تُرتَكب، وأذى مادي ومعنوي وجسدي؛ بسبب انعدام الأخلاق، وسرعة الغضب. ولو كان هناك حلم وأدب لما حدث ذلك، ولكن لأن هذا البُعد غائب ولا يؤخذ به، نجد هذا الاتجاه حاصل وواقع نعاني منه. والمشكلة أن البعض يعتبر الأنانية وسوء الأدب شطارة، وجزءًا من حقه، ونوعًا من البرستيج، وأن أي خلاف لذلك هو انتقاص منه ومن شخصه.
ما أجمل أن تكون القيادة بأخلاق، بدلًا من الشحناء، والتصيّد للآخرين، وعدم إفساح المجال لهم وقبول عُذرهم. وللأسف لا نهتم كثيرًا بهذا الجانب، ولا نُركِّز عليه عند منح رُخَص القيادة. ومَن يحصل عليها كأنه أخذ رخصة لاستباحة الشارع، والتعامل بأنانية مع الكل. فلا يوجد اهتمام يُذكر في الامتحان الخاص بالقيادة حول الأخلاق والتعامل مع الآخرين، فيما يُسمَّى بأدب القيادة. حيث تجد الكل يتعامل وكأن الشارع له وحده، وليس هناك متسع للكل فيه، وكان اتساع الشارع مع الازدحام يصبح ضيّقًا لكل من كان فيه.
معظم دول العالم تُركِّز وتعطي إصدار رُخص القيادة لوزارة التعليم، وتُركِّز الوزارة في اختبارها على الأخلاق وأدب المرور في تعليم وإصدار رُخص القيادة، وتجد أن هناك امتحانًا تحريريًّا لا بد لك من اجتيازه بنسبة مرتفعة فوق 70 %، وتقبع مدارس التدريب تحت رعاية وزارة التربية والتعليم؛ لأن القضية تُركِّز على الأخلاق في التعامل مع الغير وفي السير.
كذلك لو نظرنا للغرامات وتطبيقاتها في المرور، نجد أنها لدينا تُركِّز على مخالفات مُحدَّدة، هي تجاوز السرعة، وعدم ربط الحزام، وقطع الإشارة، وهي مهمة، ولكن البُعد الأدبي ليس له وجود، أو اهتمام من قِبَل الجهات الرسمية المعنية. فالشخص الذي يسوق بإهمال وتعدٍّ، يجب أن تتم معاقبته، ويجب التبليغ عنه حتى يأخذ جزاءه.
والأمر الآخر والمهم، هو الإسعافات الأولية، وتدريب السائقين عليها، واختبارهم فيها أمر مهم.. فهناك أُسس يجب أن يتعلَّمها السائق، وهي من ضمن منهج القيادة في بعض الدول، ونأمل أن يتم الأخذ بها عندنا، وإضافتها للمنهج؛ لأن فيها إنقاذًا للحياة البشرية؛ إذ يُعَدُّ الحفاظ عليها أمرًا مهمًّا. والتدريب ليس عسيرًا أو ضخمًا أو غير مفهوم. بل يجب أن نُركِّز عليه؛ حتى نساعد الأفراد في تلقِّي رعاية أولية تُنقذ روحًا بها.