تزخر المدينة المنورة بمعالم أثرية كثيرة، بعضها يعود إلى العهد النبوي وعصر صدر الإسلام، وبعضها آثار عثمانية بُنيت في عهد ليس بالبعيد. ومن هذه الآثار القلاع والحصون التي ما زالت ماثلةً للعيان في المدينة المنورة، والتي قد يظن أكثر سكان المدينة المنورة وزائريها أن لها علاقة بالسيرة النبوية أو العهد النبوي على صاحبه الصلاة والسلام. «المدينة» وقفت على تاريخ هذه القلاع، ومعرفة هل هي معالم دينية، أم آثار سياحية. قلاع عسكريةالباحث في معالم المدينة المنورة التاريخية عبدالله مصطفى الشنقيطي أوضح لـ «المدينة» أن معظم القلاع الأثرية في المدينة هي قلاع عسكرية بُنيت أواخر العهد العثماني، وأشار إلى أن مِن هذه القلاع ما أزيل حديثاً في التوسعات العمرانية التي شهدتها المدينة. وذكر أن العثمانيين أحاطوا المدينة بسور منيع لم تر المدينة قبله مثله، بناه السلطان سليمان ابن السلطان سليم الأول بين عامي 939 و946 للهجرة، ثم توالى عليه التجديد والتمتين من السلاطين الذين جاؤوا من بعده مثل السلطان محمد خان بن السلطان إبراهيم خان عام 1078 والسلطان محمود خان 1162 وغيرهما من سلاطين آل عثمان، وكان القصد من بناء ذلك السور هو صدّ هجمات المغيرين على أهل المدينة، وضبط الحالة الأمنية داخل المدينة، وكان ارتفاع السور يبلغ حوالي 25 متراً وفيه ما يقرب من 40 برجاً تشرف على نواحي المدينة من كل جهاتها، وكان يوجد سور آخر وراء هذا السور ولكنه أقل ارتفاعاً ومنعة منه. وذكر الشنقيطي أن جميع هذه الأسوار والأبراج قد أزيلت ولم يبق لها أثر، وآخر ما أزيل منها باب المصري. وذكر القلاع المشهورة في المدينة المنورة، وهي: قلعة قباء والعيون وأحد والعقيق قلعة قباء بناها بصري باشا محافظ المدينة وقائد عساكرها المرابطة فيها عند بداية الحرب العالمية الأولى، كما بنى معها ثلاث قلاع أخرى صغيرة، إحداها تقع في منطقة العيون شمال المدينة المنورة، والأخرى على طرف جبل أحد الغربيّ، أما الثالثة فهي على طريق عروة عند هبوط الطريق من الحرة الغربية إلى وادي العقيق، وقد أزيلت هذه الأخيرة عند توسعة الطريق قبل سنوات قليلة. ويقول الشنقيطي: رأيت لوحة بجانب قلعة قباء تشير إلى أن من بناها هو القائد العسكري فخري باشا، ولكني أرى أن فخري قد جاء متأخرًا لتسلّم القيادة العسكرية في المدينة ولذلك لم يكن الوقت يَسَعه لبناء تلك القلاع لشدة الحصار وانعدام الإمدادات والفترة القصيرة التي قضاها محاصرًا في المدينة وهي حوالي ثلاث سنوات. قلاع جبل سَلع أم القلاع متناثرة صغيرة على قمة جبل سلع، ويذكر الشنقيطي أنه قد أنشأ بعضها عثمان باشا فريد الذي أصبح قائداً لحامية المدينة عام 1324هـ بعد الشغب الذي أثاره أهل المدينة على محافظها علي باشا مرمحين. ويضيف: وقد وضع على قمة سلع مدفع رمضان الذي صار من التقاليد التي تؤذِن بدخول شهر رمضان وخروجه ومواعيد الإفطار والسحور حتى عهد قريب. كما يذكر الشنقيطي أن قائد حامية المدينة بصري باشا أنشأ بعض تلك القلاع ووضع فيها المدفع الجبلي المشهور «صرهيد» الذي كان يسمع دويّه المحاصرون للمدينة في «الفريش» على بعد أكثر من 40 كم. كشك جلال ويوضح الشنقيطي أنه يوجد على طرف جبل سلع الشرقي قريباً من ثنية عثعث التي تفصل بين سلع وسليع مطلّ مشهور باسم «دكة جلال» أو «كشك جلال»، وقد ذكر المؤرخ عبدالقدوس الأنصاري رحمه الله أن جلال اسم شخص ولم يحدد من يكون، ولكني -والحديث للشنقيطي- رأيت في مذكرات كتبها أحد ضباط الجيش التركي المحاصر أن اليوزباشي (النقيب) جلال بيك قائد الطابور الأول للواء المدفعية الثامنة والخمسين كان يرابط في هذا المكان فربّما يكون اسمه نسبة إليه. قلعة عروة أما القلعة التي تقع قرب بئر عروة على ضفاف وادي العقيق، فيذكر الشنقيطي أنها قلعة سلطانية بناها المحافظ عثمان باشا فريد، وقد أحاطتها هيئة السياحة والآثار بسياج لمنع التعدي عليها. ويذكر أن هذا المحافظ أيضاً كان قد غرس شجرتين ضخمتين، ليستا من شجر الحجاز في المناخة، يعرفهما كافة أهل المدينة المنورة إلى أن أزيلتا في التوسعات الكبرى التي حدثت في الطفرة النفطية الأولى في أواخر التسعينيات الهجرية .
القلاع الأثرية في المدينة المنورة.. معالم دينية أم آثار سياحية
تاريخ النشر: 04 يونيو 2010 04:57 KSA
تزخر المدينة المنورة بمعالم أثرية كثيرة، بعضها يعود إلى العهد النبوي وعصر صدر الإسلام، وبعضها آثار عثمانية بُنيت في عهد ليس بالبعيد.
A A