الهيئة العامة للإحصاء تؤكد ارتفاع عدد العاطلين عن العمل حيث بلغ عددهم 787,9 ألف بنهاية الربع الأول من عام 2018. هناك دراسات لأبحاث أجريت لمعرفة سبب تزايد عدد العاطلين وأظهرت أن 60% من الشباب لديهم مخاوف عميقة من الاستعداد لسوق العمل بسبب قلة فرص العمل المتاحة لهم وتزايد أعداد الخريجين من الجامعات عاماً بعد عام وبعضهم في تخصصات بعيدة كل البعد عن احتياجات سوق العمل فضلاً عن حجم الضغوط النفسية والحاجة لتكوين أسرة والنفقة عليها وكذلك ارتفاع مستوى المعيشة وغير ذلك من الأسباب.
الفجوة بين الجامعات السعودية والقطاع الخاص ليست حديثة العهد، وقبل ما يربو من ربع قرن بعث ديوان الخدمة المدنية إلى الجامعات يشعرهم بعدم الحاجة إلى خريجين في معظم العلوم النظرية وكانت بعض الجامعات لديها العديد من كليات الشريعة وكليات اللغة العربية وكليات الدعوة وكليات الآداب والعلوم الإنسانية وشاهدنا ضياع العديد من الخريجين والخريجات بسبب عدم الاستجابة لطلب وزارة الخدمة المدنية، وتخصصات التاريخ والجغرافيا وعلم الاجتماع والدعوة والشريعة والدراسات الإسلامية والإعلام والتربية الفنية والتربية الرياضية حققت اكتفاء يفيض عن الحاجة وهناك أعداد في قائمة الانتظار، فكانت فكرة تعليق القبول في هذه التخصصات التي قوبلت لدى بعض العقلاء بالقبول، في الوقت الذي اعتبر البعض هذا التوجه فيه إقصاء ويحمل وجهاً تغريبياً وغير ذلك وكان يلقى القبول لدى بعض المسئولين. فهل نلوم سوق العمل عندما يطالب الخريجين بالخبرات والمهارات التي لم يتم التزود بها أثناء دراستهم وهل يجوز للجهات الحكومية المختصة أن تمارس الضغط على القطاع الخاص لتوظيف ماهب ودب، وهذا ما نفاه أحد المسئولين عندما قال (لانتعامل مع القطاع الخاص بسياسة «العصا والجزرة» بل بسياسة الشراكة) وفي ظني أن هذا المفهوم يحتاج إلى شفافية مطلقة.
لعل من نافلة القول أن نقول بأن الزمن الذي نعيشه اليوم وبتسارع وتيرة تقنية المعلومات سوف يؤدي إلى المزيد من إلغاء بعض الوظائف في الحكومة أو في القطاع الخاص، وربما يضيف ويخلق متطلبات جديدة لسوق العمل ولكن بأعداد أقل. هذه التحديات تواجه الجامعات اليوم وتحملها مسئولية الخروج من عنق الزجاجة من خلال سرعة الاستجابة لمتطلبات المستقبل والنظر في المعوقات والتحديات التي تواجه التعليم وتؤثر على مخرجاته ومنها ضعف مواءمة مخرجات التعليم والتدريب -إن وجد- مع احتياجات سوق العمل، وتدني جودة المناهج، والحرص على نبذ التدريس بالطرق التقليدية وتحسين البيئة المحفزة للإبداع والابتكار وتشجيع المهارات الشخصية للتفكير الناقد لدى الطلاب. (للحديث بقية).