بيّنتُ في الحلقتيْن الماضيتين أهمية الحوار بين الآباء والأبناء، بل وضرورته، وأسباب غيابه، ونتائج هذا الغياب، وأواصل الحديث اليوم عن أهمية الحوار في التربية الأسرية، وتقديم نصائح للآباء والأمهات لتعزيز مواهب وقدرات أولادهم؛ إذ تعتبر لغة الحوار بين الآباء والأبناء من أهم مقومات الأسرة الناجحة، حيث يُؤكِّد العديد من الخبراء في مجال التربية؛ أنّ غياب الحوار داخل الأسرة يتسبَّب في العديد من الحواجز، وانهيار العلاقة بين الآباء وأبنائهم، كما يؤدي إلى تفككها، وخاصة فيما يتعلق بسنِّ المراهقة لدى الشباب، كما ذهب بعض علماء النفس إلى وضع غياب الحوار في خانة الاتهام المتسبِّبة في السلوكيات الخاطئة، والمشاكل الاجتماعية والحياتية، والأمراض النفسية التي تعتري بعض أبناء الأسرة، والتي تترسَّب مع كِبَر سنّهم، وتُورِّثهم أحيانًا مجموعة من الأزمات النفسية يصعب القضاء عليها فيما بعد.
وقبل أن أختم الحديث عن حوار الآباء مع الأبناء، رأيتُ ضرورة التوقُّف عند تقديم نصائح للآباء والأمهات، لتعزيز مواهب وقدرات أبنائهم المراهقين، منها:
* شجّعَا أبناءكما المراهقين على تخطي المستقبل بسؤالهم: «ماذا تفعلون غداً بعد المدرسة؟، اعملا لوحة عائلية مع تخصيص مكان لهم فيها ليكتبوا أشياءهم الهامة»، (نقلًا عن هاينز وآليسون بافرستوك: مهما حدث، «دليل عملي لتربية الأطفال المراهقين»، ص 262، ط1، 1997م، مكتبة جرير – الرياض).
* لا تُذكِّراهم دومًا بالأشياء التي يجب عليهم القيام بها، حتى يتعلَّموا عن طريق الإحساس بالعواقب، وعندما يشعرون بالملل، أو لا يستطيعون التفكير فيما يجب عليهم القيام به، اطلبا منهم أن يقترحوا خيارات لذلك.
* عليكما تعليمهم كيفية الاختيار، مع إعطائهم الفرصة ليروكما وأنتما تفاضلان بين الخيارات، وتُحاولان معرفة المزيد عنها قبل اتخاذ القرار، فتعلُّم كيفية الاختيار ليس عملية أتوماتيكية، واستخدما كلمة «اختيار» كثيراً، لأنَّ كل شيء نقوم به يُعدُّ اختيارًا لحد ما . (المرجع السابق).
* شجعا أولادكما على الحديث عن أنفسهم، وليس التجارب التي مرّوا بها. حدّثاهم عن الحقوق: حقوقهم، وحقوق الآخرين، وكذلك حقكما، شجّعاهم على أن يكون لهم آراؤهم الخاصة بهم حتى ولو كانت سخيفة، وأظهرا شخصيتكما لطفلكما دون أن تكونا عدوانيّين، أو متسلطيْن عليه. (المرجع السابق).
* لا تبخلا عليهم بالثناء عليهم، حتى عند ارتكابهم خطأ، وعندما يحدث خطأ، فعليكما بنقد الخطأ لا الشخص نفسه، وأشعراهم بأنَّكما تُحبّانهم وفخوران بهم قدر استطاعتكما.
* علِّماهم معنى الحرية وحدودها، فأنت حر فيما تعتقد وتُفكِّر وتتعلَّم وتعمل، وتتكلَّم، وتتنقَّل وتلبس، وتأكل وتشرب، ولكن عندما تُمارس حريتك، عليك أن تُراعي حقوق أسرتك ومجتمعك وبلدك، فلا تكن ممارستك للحرية على حساب حقوق أحد منهم، كما عليك أن تُراعي ضوابط هذه الحرية طبقًا للدين الذي تعتقده، أمَّا إن كنتَ مُلحدًا: فهناك ضوابط للحرية تعاقد عليها المجتمع الذي تعيش فيه عليك الالتزام بها، فالحرية لا تعني أن تُدخّن أو تتعاطى المخدرات، أو المسكرات، أو تمارس الرذيلة مع من تشاء. ولا تعني للفتاة المسلمة كشف ساقيها وركبتيها وجزء من ساقيها، كما رأينا «رهف القنون» ترتدي «شورت» في عزِّ البرد عند قدومها إلى كندا، بصحبة وزيرة الخارجية الكندية، فقط لتُعلن أنّها أصبحت حرة!
وهكذا نجد الحوار داخل الأسرة من أهم مقومات تأسيس أسرة صالحة تنفع مجتمعها وأمتها لإنشاء جيل خالٍ من العُقَد النفسية التي ترسَّبت في أجيالٍ سابقة، نتيجة للتربية الخاطئة، وليكون قادرًا على تحدِّي ومواجهة مشكلات وأزمات الحياة، ويحمي الأولاد من رفقاء السوء، ومن الوقوع في مستنقعات الإرهاب أو الإلحاد والهروب واللجوء.
لجوء المراهقات السعوديات.. وغياب حوار الآباء مع الأبناء (3)
تاريخ النشر: 09 مارس 2019 01:00 KSA
A A