* الإسلام يقرُّ بحرية التَّدَين، وبوجود المخالف في المعتقد، مؤكداً على احترامه، وواضعاً آداباً وقوانين تحفظ حقه؛ فالإسلام بوسطية أصوله ومبادئه وديمومتها ومواكبتها لمستجدات الزمان والأحداث كان ولايزال قادراً على استقطاب البشر إلى حضنه الدافئ.
* والمسلمون الذين انتشروا في مختلف أنحاء المعمورة، وبناء على تلك المُسَلمات كانوا بأخلاقهم الرفيعة وحسن تعاملهم مع غيرهم أنّى كانت عقيدته خـيْـر رسُـلٍ لدينهم؛ وهو ما شجع وحفز الناس على الدخول فيه أفواجاً.
* ذلك هو الإسلام بقيمه الإنسانية، وأولئك هم المسلمون بتسامحهم مع غيرهم، والذين كانوا في قوتهم وعنفوان سلطتهم وإدارتهم لمساحات شاسعةٍ من العَالَم متعايشين مع غيرهم، ورحماء بهم.
* وفي المقابل كان كثيرٌ مِن غيرهم يحاول إقصاءهم، وما أن تحينَ له الفرصة ويملك القوة إلا ويُجهز عليهم ويمارس أبشع أنواع القتل والتعذيب والتهجير، ويكفي شاهداً على ما مضى الحروب الصليبية وتَبِعاتها، وما فعله التّتَار، وفي الحاضر هناك ما فعله ويفعله الصهاينة في الأبرياء من الفلسطينيين، وما تعرض ويتعرض له المسلمون من إبادة وتهجير في (البوسنة والهرسك، وميانمار والفلبين والصّين، وغيرها).
* ولأن الإعلام أصبح اليوم بمختلف أدواته وقوالبه سلاحاً فتاكاً، فهناك مَن حاول من خلاله تمرير حقده الدفين وأجندته المشبوهة، عبر تشويه صورة الإسلام، والتكريس لربطه بالإرهاب والتطرف، وتصدير خطاب الكراهية للمسلمين في المجتمعات الغربية، صَاحب ذلك وساعده بطريقة غير مباشرة -للأسف الشديد- ضعف من بعض القائمين على الخطاب الإسلامي «إعلام ومؤسسات ومنظمات» الذين رضوا بأن يكونوا دائماً في دائرة الاتهام؛ فكتبوا وتحدثوا وحاوَروا غيرهم على أن المسلمين وحدهم هم المتطرفون؛ وعليهم أن يتعايشوا مع غيرهم؛ بل وأن يُغيروا من ثوابت دينهم إرضاءً لهم؛ وكانت نتيجة كل ذلك تنامي ظاهرة الكُره للإسلام وأهله في المجتمعات الغربية، الذين عانوا من العنصرية، ومن الاعتداء والعنف في العديد من الدول في حوادث عديدة آخرها الحادثة الإرهابية المتعمدة والمخطط لها التي وقعت قبل أمسِ في نيوزلندا، والتي اُسـتُشْهِـد فيها وأُصِـيب جراءها أبرياء لاذنب لهم!.
* تلك الحادثة لن تكون الأخيرة؛ فالفاعل وإنْ كان فـرداً لا يمثّـل شعباً أو ديناً، إلا أنه يحمل فكراً يزداد حضوره، ولن تُوْقِفَهُ بالتأكيد عبارات الاستنكار والتنديد؛ ولذا فقد حان الوقت لِأن يتجاوز المسلمون مرحلة الشجب والوهْـن؛ بحيث يعمل أصحاب الفكر والرأي والسياسة منهم على رفع راية ولواء دينهم، ومحاورة وخطاب غيرهم من منطق القوة التي أساسها وسطية الإسلام وتسامحه وبعده عن التطرف، والبحث عن حماية المسلمين وحقوقهم، وأن يكون هناك خطة إعلامية تستثمر المنصات العالمية لغرس حقيقة الإسلام الوسطية المعتدلة، وثقافته المتسامحة لدى المجتمعات الأخرى، وكذا التصدي للغة الكراهية تجاه المسلمين وشعائرهم، وتجريمها عالمياً كما هو حَالُ غيرهم.