.. الثورة الجزائرية والثورة السودانية، تجعلانك تتأمل شيئين هامين:
الأول استعادة بعض الشعوب العربية لبعض من إراداتها وفرض صوتها في إحداث التغييربما يحقق مصالحها ويلبي مطالبها.
الأمر الآخر أنك لا يمكن أن تمر عليك أحداث هاتين الثورتين دون أن تربطها بما سبقها من ثورات، وتحديداً (ثورات الربيع العربي)، والفوارق بينها «مسببات ونتائج»..!!
*****
.. ودعوني أشيد بدءاً بالأسلوب الحضاري الذي انتهجه المتظاهرون في كلا البلدين. لم نشاهد فوضى أو أحداثاً.
كانوا سلميين فعلاً، وحريصين على الأرواح والممتلكات.
وهذا لم يحدث في فرنسا الدولة المتحضرة مع ما صاحب مظاهرات السترات الصفراء من أحداث واختلالات أمنية..!.
*****
.. أتدرون ماهو السبب في كل هذه المشاهد الحضارية في قلب تظاهرات الثورتين؟.
هو أن المتظاهرين انطلقوا في ثوراتهم من دوافع مصالحهم
الشخصية ولم تكن بدافع من أحد أو استجابة لأطراف خارجية،
بل ووصل بهم السلوك الحضاري إلى رفضهم أي تدخل خارجي
واعتبار ثوراتهم شأناً داخلياً.
*****
.. وليس بالغريب أن الدول الغربية كانت تدور حول هذه الثورات تحاول اختراقها وتحقيق مآرب عصا موسى منها لكن الجزائريين والسودانيين نجحوا في أن يسدوا عليهم كل منفذ..!
*****
.. وتظل مشكلتنا مع هذا الغرب أنهم ينصبون أنفسهم أوصياء علينا وعلى قضايانا ومشاكلنا، مع أنهم هم من دمر أوطاننا وسفك دماءنا وسحق شعوبنا..!
*****
.. أما المضحك فإن مجلس الأمن والأمم المتحدة وأوروبا وروسيا وأمريكا تسابقوا جميعاً على إطلاق التصريحات والتشديد على حرية التعبير وعلى سلامة المتظاهرين.
في الوقت الذي لم يتحدث أحد عن ثورة السترات الصفراء..!
*****
.. يعجبني في الثوار الجزائريين والسودانيين بأنهم لم يتوقفوا عند إسقاط بوتفليقة والبشير، وإنما لاقتلاع هذه الأنظمة من جذورها، وهذا يعكس مدى ما فعلته هذه الأنظمة من فساد وركود اقتصادي وسوء أحوال معيشية..
وهذه هواجس مشروعة للثوار..!!
*****
.. والذي أعتقده أن الهاجس أكبر عند السودانيين، فالجيش الجزائري كان الحارس الأمين للدستور، بينما المجلس العسكري السوداني عطَّل الدستور واستولى على الحكم مما يعده السودانيون انقلاباً ناعماً قد يراد به الالتفاف على ثورتهم..!
*****
.. أما ثورات الربيع العربي فليس للعرب من الأمر شئ
إلا تلك الشعارات الجوفاء، وهذا الجحيم الذي ورثوه لأوطانهم.
أما المحرك الفعلي فهو الطاغية «الكاوبوي» الذي اعتمد مخطط
«مشروع حدود الدم لبرنارد لويس» لتقسيم وتفتيت الدول العربية والإسلامية على أساس مذهبي وديني وطائفي، وما أعقبه من أجندة «الفوضى الخلاقة» الماسونية بامتياز، والتي ألقت بنا وبشعوبنا وأوطاننا في أتون هذا المصير المظلم..!!