في الحفل الذي أقيم بمركز الملك عبدالعزيز التاريخي بالرياض الشهر الماضي لإعلان إستراتيجية وزارة الثقافة من قبل صاحب السمو الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان آل سعود وزير الثقافة، أكد سموه أن المناسبة تكتسب طابعًا تاريخيًا لأنه تم الكشف عن رؤية وتوجهات الوزارة التي تحدد ثلاثة تطلعات أساسية وهي: تكريس الثقافة كنمط حياة، والثقافة من أجل النمو الاقتصادي، والثقافة من أجل تعزيز مكانة المملكة الدولية.. وهو بهذا يجعل الثقافة شاملة لكل ما يعزز الهوية الثقافية السعودية.
وقد أطلق سموه 27 مبادرة في 16 قطاعًا ثقافيًا تخدمها الوزارة منها: اللغة والتراث، والكتب، والنشر، والموسيقى، والعروض المرئية، والفنون الأدائية والشعر والفنون البصرية والمكتبات والمتاحف.. ومسارات أخرى ثقافية، ومع ذلك لم توضح الإجراءات التنفيذية الهيكلية لتلك الفعاليات.
والنقطة التي أريد التحدث عنها تحديدًا هي الأندية الأدبية؛ حيث لم يلحظ الأدباء والمثقفون أي إشارة لها ككيانات أنشئت منذ أكثر من أربعين عامًا، وأدت رسالتها في تعزيز الفعل الثقافي الاجتماعي، ودعم الأدباء في كافة المجالات.. الشعر - القصة - والرواية.. فأين مكانها من الإعراب في ظل البوتقة الثقافية الجديدة؟ هل هي ما زالت تتبع وزارة الإعلام والتي وُزع جزء من مهامها أيضًا إلى هيئة الإعلام المرئي والمسموع؟! أم هي لا إلى هؤلاء.. ولا إلى هؤلاء؟!.
حقيقة ظلت وزارة الإعلام تشرف على أنشطة الأندية الأدبية منذ عام 1395هـ ومن ذلك إعداد اللائحة التنظيمية، حتى إنها كلفت عام 1438هـ مجموعة من المثقفين لإعداد لائحة جديدة ولكن للأسف لم تنشر حتى الآن!
اللائحة والمجالس الموجودة حاليًا هي من ترشيحات عام 1433هـ وقد انكمشت عددًا، وعدةً، ونتاجًا.. وتواجه الكثير من التحديات التي تؤثر حتمًا على الحراك الثقافي الأدبي في المناطق.. فحتى تسديد رسوم الجمعية العمومية لم تعد تستلمها الأندية الأدبية لأنه لم يصدر لها أي توجيه ولوائح وأنظمة جديدة، وإذا كان مجلس الإدارة هو الجهاز التنفيذي للأنشطة والبرامج، فإن الجمعية العمومية والتي تتكون من الأدباء والمثقفين هي (الروح) التي تبعث الحياة والنشاط في الأندية لشعور الفرد بالانتماء إلى الفعل الثقافي الأدبي.
وإذا كان هناك ضعف في الحضور للفعاليات فليس تجاهل أعضاء الجمعية العمومية إلا سببًا رئيسًا في ذلك؛ فالاجتماع بهم وسماع متطلباتهم يسهم في وضع إستراتيجية النادي الثقافية ومقترحات الفعاليات والأنشطة.
كما أن البنى التحتية للأندية الأدبية عنصرًا أساسيًا فمثلًا نادي جدة الأدبي يمتلك مبنى يلبي طموحات المثقفين والأدباء من مسرح وإمكانات فنية لوجستية، في حين أن أندية أخرى ما زالت تقيم أنشطتها في مبانٍ مهترئة تعاني القصور في الخدمات ومكاتب كوادرها البشرية في صناديق شبه مغلقة.. ففي البيئة غير المحفزة ونقص الإمكانات المالية.. يصعب تقديم برامج جاذبة للجمهور وبالتالي توقع ركود ثقافي أدبي.
كل ما نتمناه هو: أن تُحدد هوية وانتماء الأندية الأدبية أهي لوزارة الإعلام أم لوزارة الثقافة؟؟ وأن يكون دعمها بما يتوافق مع رؤية 2030م بتشجيع المواهب الإبداعية بحيث يسمح لطلاب وطالبات التعليم العام والجامعي أن يكونوا أعضاءً في جمعيتها العمومية؛ مما يثري نمط حياة الفرد ويشجع على الاستثمار في المعرفة والثقافة كأساس في التقدم والرقي الإنساني والاجتماعي.