Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أ.د. صالح عبدالعزيز الكريّم

حادثة الزلفي: فِكر الأوَّل كالخلفي

A A
إن حادثة الزلفي الإرهابية هذا الأسبوع حادثة أليمة صادرة عن أشخاص –للأسف- ينتمون إلى الوطن ومن أبنائه، ولكنهم موسومون بـ»العمه»، فنفوسهم أقرب إلى وصف قوله تعالى: «يعمهون»، المرتبطة في آيتين في قوله تعالى: (فهم في طغيانهم)، فالطغيان الفكري والعقدي أكبر بلاءً وأعظم داء، حيث يتسبَّب عمداً في هلاك الأنفس وقتل الأبرياء، وإحداث الفوضى ونشر الذعر، وفساد الأحوال وضياع الأموال، وهذا الفكر الضال يتصف بصفاتٍ تجمع أوّلهم بآخرهم، والأمامي عندهم كالخلفي، وأوَّل مَن عرف بهم هو المصطفى -صلَّى الله عليه وسلم- فقد روى البخاري ومسلم عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: بينما نحن عند رسول الله صلَّى الله عليه وسلم، وهو يقسم قسماً أتاه ذو الخويصرة، وهو رجل من بني تميم فقال: يا رسول الله اعدل، فقال: (ويلك! ومن يعدل إذا لم أعدل؟! قد خبت وخسرت إن لم أكن أعدل)، فقال عمر: يا رسول الله، ائذن لي فيه فأضرب عنقه، فقال: (دعه فإن له أصحاباً يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم وصيامه مع صيامهم يقرأون القرآن، لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، ويخرجون على حين فرقة من الناس)، وذو الخويصرة هذا هو رأس الخوارج، وهو أولهم، وفكر من خلفه مثله تماماً، ومن أهم ما يشتركون به من صفاتٍ من أيّامِ الصحابة وخروجهم على سيدنا عثمان وسيدنا علي -رضي الله

عنهما- إلى يومنا هذا ما يلي:

١- الاعتقاد «الخارجي» (من مصطلح الخوارج) الذي يعني الخروج على ولي الأمر.

٢- قتل ومحاربة كل مَن لا يعتقد بما يعتقدون به من آراء.

٣- تكفير حُكَّام المسلمين وعامتهم الذين لا يؤمنون بمثل ما يؤمنون هم به.

٤- التطرّف الحاد في فهم النصوص والوقوف على الظاهر منها.

٥- حب الزعامة وتولي السلطة.

٦- تزكية النفس وأنهم هم وحدهم أهل الدين.

٧- الوهم بأنهم وحدهم أهل الجنة، وأن غيرهم مصيره النار.

٨- الأخذ بالشدة والتنطع في العبادات من صلاةٍ وصوم.

إن التحرر من هذا الفكر الضال؛ إنما يكون بنشر الفكر الإسلامي المعتدل الذي يُربِّي الأفراد والأسر والمجتمعات على الوسطية والاعتدال في كل شؤون الحياة، وعدم الغلو في الدين كما قال تعالى: (يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم)، وكذلك يكون بمعرفة حق ولي الأمر في طاعته كما قال تعالى: (وأطيعوا الله ورسوله وأولي الأمر منكم)، كما يكون بالتصدي لكل مَن ينال مِن بيضة الدين بانحراف الحادي وتعدي على دين الله كتاباً وسنة، وأخيراً بضرورة بذل الجهد من العلماء والمتخصصين في العقيدة والدين عبر وسائل التواصل الاجتماعي والمنصات الإعلامية، بهدف كشف اللثام عن هذه الأفكار الضالة، وبيان زيفها وإظهار زيغها للشباب والشابات.. حفظ الله علينا ديننا ووطننا وقيادتنا؛ إنه ولي ذلك والقادر عليه.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store