* مع بداية كل إجازة ينشط الحانقون على المعلمين من بياتهم، أو قل يعاودون الدندنة على نفس إسطوانتهم المشروخة تجاه ورثة الأنبياء. تلك الإسطوانة التي يتنفسون فيها من رئة الحسد، متجاوزين في ذلك فضل من لسان حاله اليوم معهم: وكم علَّمته نظم القوافي، فلما قال قافية هجاني!
* هكذا بكل ما يُعبر عنه الجحود، وما تطاله يد النكران، يبدأ أولئك موجتهم المعتادة تجاه المعلمين، بالحديث عن إجازتهم الطويلة، وأنهم لا يستحقون تلك الإجازة، وإن كان من جديد في موجة حسدهم، أنهم يتظاهرون بالحرص عليهم، ويدعون إلى الاستفادة من تلك الإجازة، بعقد دورات تدريبية أو تكليفهم بما يعكر عليهم مزاج إجازتهم، المهم ألا يتمتعوا بإجازتهم، التي جاءت بعد عام دراسي ينعم ببيئة تعليمية طاردة.
* ولعل أهم ما يُبرهن على ذلك: تنامي موجة (الهروب) من المعلمين باتجاه مرافئ التقاعد، حتى مع إدراكهم أنه لازال في عمر العطاء بقية، ولكن يؤثرون القرار الصعب؛ لأن سهام الجحود تجاههم تتنامى، ومؤشر التقدير المجتمعي لعطائهم للخلف در، فكيف لهم مع ذلك أن يعملوا بذات أريحية إيمانهم بأنهم يحملون رسالة يكفيها شرفاً، وفخراً أنها مهنة الأنبياء.
* أقول ذلك في معزل عما صدر من قرارات من معالي وزير التعليم الدكتور حمد آل الشيخ، لُمس فيها صورة الاحتفاء، وسيما التقدير تجاه المعلم، والمؤمل من معاليه كثير، وبذات القدر من الأمل يُرجى ألا يكون لتلك الأصوات المأزومة تجاه المعلمين ما ترجوه من أثرة، فالمعتاد منهم إن وصلوا إلى حيث صناعة القرار ألا يرى منهم المعلم خيراً.
* إن تقدير المعلم، والاحتفاء به، وزيادة المكيال له حوافزَ مادية ومعنوية، من أهم مقومات تجويد المخرجات، بل هي ميزة الأمم الراقية، التي لم تبلغ ما بلغت إلا من تحت يد المعلم، وما تراجعت أي أمة إلا عندما قدحت شرارة (مدرسة المشاغبين)، ومُنحت الأصوات الحاسدة له، الناكرة لمعروفة، حظوة من يحمل الديك على رأسه، فماذا عساه أن يعود به عليه؟!.
* ولمعشر المعلمين أقول: بوركتم ، وبورك عطاؤكم، وجعل الله ما قدمتم من جهد في ميزان حسناتكم، ولتهنأوا بإجازتكم بعيداً عن كل المنغصات، واجعلوا صورة من يُكن لكم التقدير -وهم كثر- حاضرة في أذهانكم دوماً، وتعاملوا مع كل الأصوات التي اعتادت على ركوب موجة: المعلم لا يستحق على طريقة تحديد الكل و DELETE ، وكل عام ومكانتكم فوق فوق، وعلمي وسلامتكم.