يَبذُلُ كَثيرٌ مِن النَّاس؛ الذين يَظهَرُون فِي وَسَائِل الإعلَام، جُهدًا طيِّبًا؛ فِي إعدَاد المَوضُوعَات التي سيَتحدَّثون عَنهَا، ولَكن هَل الإعدَاد وَحده يَكفي، أَمَّ أَنَّ هُنَاك عَوَامِل أُخرَى؛ تُسَاعِد فِي إيصَال رِسَالة المُتحدِّث إلَى الجمهُور..؟!
حِينَ يَتحدَّث الإنسَان بِـ»نَصٍّ مَا»، يَخرجُ هَذا النَّصّ عَبر مَا يُسمِّيه العُلَمَاء؛ «النّصُوص المُحَاذية»، مِثل: (طَريقة الحَديث، وهَيئة مَلَابِس المُتحدِّث، والتَّلوين الصَّوتي الذي يَستَخدمه).. إلَى غَيرِ ذَلِك مِن النّصُوص الشَّكليَّة، التي يُركِّز عَليهَا عَامَّة النَّاس وبُسطَاؤهم..!
إِنَّ مَن يَذهَب إلَى المَكتَبَة، سيَجد الكَثير مِن الدِّرَاسَات، التي تَرصُد المُعطيَات؛ والمَظَاهِر غَير اللَّفظيَّة، تِلكَ المَظَاهِر أَو «النّصُوص» المُصَاحِبَة للمُتحدِّث..!
ولَعلَّ أَشهَر دِرَاسَة فِي هَذا البَاب؛ هِي دِرَاسِة العَالِم النَّفسِي «ألبرت مهرابيان»، حَول الاتِّصَال المَرئي، حَيثُ يُؤكِّد أَنَّ رِسَالِة المُتحدِّث؛ تَصلُ إلَى المُتَلقِّي، عَبر ثَلَاثة طُرق:
أَوَّلاً: مَرئيًّا، أَي عَبر لُغَة الجَسَد، كاستخدَام اليَد والإشَارَات، وتَعَابير الوَجه، وتَأثير لُغَة الجَسد يَصلُ إلَى نِسبةِ 55%..!
ثَانياً: صَوتيًّا، مِن خِلَال النَّغمَات، والتَّلوين الصَّوتي، وتَدفُّق الكَلِمَات، ومَرَاحِل الصَّمت، وهَذه يَصل تَأثيرهَا إلَى 28%..!
ثَالِثاً: شَفهيًّا، مِن خِلَال دَلَالة الأَلفَاظ عَلَى المَعَانِي، وبَلَاغة المُفردَات، وحُسن تَوظِيف الكَلِمَات، وهَذه يَصلُ تَأثيرهَا إلَى 7%..!
حَسنًا.. مَاذَا بَقي؟!
بَقي القَول: مِن الجيِّد أَنْ يُركِّز؛ مَن يَظهَر للحَديث أَمَام النَّاس، عَلَى عَنَاصِر التَّأثير كُلّها ويَتدرَّب عَليهَا، إذَا أَرَاد لرِسَالَتهِ أَنْ تَصِل، وقَد لَخَّص أَحَد البَاحثين نَظريّة التَّأثير بالمَثَل السَّائِر: (لَيس المُهم مَا يُقَال، ولَكن المُهم كَيف يُقَال)..!!