عند الحديث عن المراجعة الداخلية ونشر ثقافتها لابد أن لا نغفل ركيزة مهمة من ركائزها وهي الحوكمة.. حيث هي من المفاهيم الراسية في ثقافة الشعوب التي تأسست على الديمقراطية وقيم وأخلاقيات إنسانية تقوم على تحريم الظلم وإحقاق العدل وتبادل الآراء، وفي بعض الدول نجدها بكل صورها الحقيقية ودول أخرى بمسميات رنّانه فقط دون أي تفعيل.. قد لا نجد هذا في الوقت الراهن فقد أصبح هناك وعي وإدراك بأهمية تطبيق الضوابط الرقابية والتدقيق على الإنجازات ومدى صلاحية القرارات، ربما هي ثقافة عامة ولكن هل هي مطبقة فعلياً في منشآتنا الحكومية؟
إن الحوكمة الصحيحة تحتاج إلى تمتّع المسؤول بالقدرة الكافية على العمل كفريق واحد يتشارك من أجل دفع الأجندة الإستراتيجية والتأكيد على قيام الإدارة بمسؤولياتها.. وهي تعتبر من المفاهيم الأساسية التي ولجت مؤخراً فلسفة الديمقراطية وتطبيقاتها في شتى ميادين العمل المؤسساتي في بلدان العالم السائر نحو الديمقراطية وهو يعتبر متسقاً مع التوجه الذي تعمل عليه مملكتنا الحبيبة ضمن رؤيتها 2030 في تطبيق الشفافية لتقييم أداء حكومتها من خلال مؤسساتها ووزاراتها، مما أتاح الفرصة لدى الكثير من المسؤولين في شتى المجالات للاتجاه نحو التشاركية سواء المستفيد الداخلي والمستفيد الخارجي.. وهُنا يجدر بنا أن نتساءل عن ثقافة هذا المسؤول؟
لابد أن يعي المسؤول نجاح المنشأة بتوفير ثلاث ركائز وهي (الأساس السليم، البناء المتكامل، التشغيل الفعّال)، ولإدارة ثقافة المسؤول بأهمية منشأته من خلال معايير الأداء التي من خلالها يسهم في تميز الكيان ولا يأتي هذا إلا من خلال حوكمة رشيدة وإيمان بالفكر التشاوري وقدرات أفراد المنشأة.
ولابد أن يسعى القادة إلى التخطيط السليم لأنه لبنة وأساس بناء متين وتأسيس كيان ذو قيم واختيار شركاء النجاح وأن يسبقها إيمان بمبرر للأساس السليم من المنشأة، كما لابد أن تكون من ثقافة المسؤول إدارة لبناء تكامل قيادة وإدارة وموارد ووضع مؤشرات أداء هادفة ومقننة.. كما أن للمسؤول منهجيات في الأداء من عدة مناظير منها (المنظور المالي، ومنظور العمليات، ومنظور المستفيدين، ومنظور النمو والتعلم) وهي من منهجية الأداء في المراجعة الداخلية التأكد من تحقيق المنشأة لأهدافها واستخدام مواردها بكفاءة من خلال المناظير السابقة.