يمكن اعتبار الصحفي العراقي نوري ثابت المعروف باسمه المستعار «حبزبوز» والذي ذاع به صيته رائد الصحافة الهزلية في تاريخ الصحافة العراقية، حيث اكتسب شغف الناس وكسب شعبية بينهم وصنع له فئة من القراء والمريدين، كان مردُّها إلى أسلوبه البسيط ولغته السلسة والأهم تلمسه لهواجس المواطن البسيط وعرض همومه، منتقداً لاذعاً حالات اجتماعية وسياسية كثيرة.
***
وقد أخذني ما قرأته عن قصص ونوادر نوري ثابت التي يقوم بها تحت المسمى الذي اختاره لشخصيته «حبزبوز» إلى إطلاق مصطلح «الفلسفة الحبزبوزية» على نهجه الفكاهي الساخر في تناول القضايا التي يتحدث عنها. وقد امتلك حبزبوز روحاً فكاهية وكانت مقالاته الساخرة تقرأ بلهفة، بما احتوته من حكاوى وأحاجٍ وسرد لأمثال ومصدرها «ورباط» مقصدها، وكان متأثراً بالكتَّاب الأتراك الساخرين واضحاً جداً بالرغم من انحسار النشر في العراق حينئذ.
***
ومن بين النوادر التي يرويها نوري ثابت قصة تعاونه مع جريدة «البلاد» العراقية عند إصدارها أول مرة، حيث يحكي الحوار التالي مع رفائيل بطي (رئيس تحرير البلاد):
- أنا راح أصدر جريدة باسم «البلاد».
- موفق إن شاء الله.
- لكنني أريد معاونتك.
- مثل إيش؟
- مقالات منزلية تحت عنوان «منزل وفكاهة».
- ممنون لكن أنا لا أكتب ببلاش.
- يعني تريد فلوس؟
- طبعاً وذلك لا لأنني مفلس، وإنما أريد أن أعطي درساً لكتاب العراق في أن الكاتب لا يتعب قلمه ببلاش..
وهكذا كان.
***
وهكذا كان التعاون بين الكاتب وجريدته «كل شي بحسابه» كما كتب نوري ثابت في أول مقالاته في «البلاد». وهو ما يجعلني أُفكر أحياناً وأنا أكتب هنا وهناك دون تقاضي مقابلٍ لما أكتبه: إذا كان هذا هو موقف حبزبوز، فما بالك تكتب ببلاش يا «عبزبوز»؟!