أيام معدودات انقضت من هذا الشهر الكريم كلمح البصر؛ فُتحت فيها أبواب السماء وأُغلقت أبواب الجحيم وصُفدت الشياطين والمردة ..إنها نفحات ربانية وعطايا إلهية لعباده المؤمنين.
لم نشعر بها لاستشعارنا للذة الطاعة والخضوع لأوامره ونواهيه ووقوفنا بين يديه في تعبدية مطلقة وخشوع، ومناجاة، ودموع انهمرت طلباً للمغفرة والرحمة، ففيه ليلة هي خير من ألف شهر .
وها نحن نشعر بغصة الألم لوداعه ولكن بأمل كبير بأن أيدينا التي ارتفعت لعنان السماء لن يردها الخالق صفراً بل بإجابة بإذن الله تعالى وأن ذنوبنا قد محيت.. بل وبفرحة تغمرنا لقدوم ضيف آخر وهو عيد الفطر المبارك امتداداً لموسم الطاعات.
ففي عيد الفطر توزع الجوائز لمن صام وقام واحتسب الأجر لقول الرَسُولُ: في الحديث القدسي: كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلا الصِّيَامَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ) .كما أن الذهاب إلى صلاة العيد سُنة مؤكدة حتى للحائض والنفساء؛ لما فيه من استشعار للفرحة في النفوس وهي فرحة بالنعم التي اغدق الله بها علينا والفرحة هنا طاعة كما قال تعالى: (قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَٰلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ)- يونس 58، العيد فسحة لأن الدين الاسلامي دين توسط واعتدال وسماحة للنفس ولكن كيف تكون الفرحة ؟ إنها بالتكبير والتهليل بما منَّ الله علينا، بل بما نقدمه من صدقة، ومن زكاة الفطر التي هي طعمة من الأغنياء للفقراء واستشعار لعظمة التكافل الاجتماعي والترابط والإخاء بين المسلمين وهي فرصة ثمينة لصلة الرحم والتزاور وصفاء القلوب وإعادة العلاقات والتآخي والمحبة..
العيد فرحة بلباس جديد وتجمل محمود فإن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده وأما النساء فلا يعني السماح بالتجمل هو التبرج والخروج بكامل الزينة والتعطر لما في ذلك من خدش للحياء وإثارة للفتن ومعصية للرب، والصحيح أن شهر رمضان هو تهذيب للنفس وترويضها على الاستقامة والبعد عن المعاصي وأن نستمر على هذا النهج كأسلوب حياة فالعبادة والطاعة لا تكون في رمضان فقط ومراقبة الله في أعمالنا في السر والعلن وبما يوصلنا إلى جنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين.
وما نتمناه على القائمين على أمور المساجد -جزاهم الله خيراً- في يوم العيد أن يكون هناك تنظيم لدخول المصليات وخاصة النسائية فبعضها مسار الدخول هو نفس مسار الخروج ؛ كما في مسجد سمو الأميرة /حصة السديري -الأمير أحمد سابقاَ- بالرصيفة بمكة، فبعد الصلاة تأتي فئة متأخرة وللأسف ويسمح لها بالدخول فيحدث تدافع بالأجساد وإيذاء للأخريات بل وتجربة سيئة للأطفال الذين أصبحوا يرفضون الذهاب للعيد لقسوة التجربة في الأعياد السابقة، والمفروض أن يكون هناك أمن نسائي يمنع مثل هذه الممارسات. كما أن الغسل العشوائي للسيارات من العمالة الأفريقية بالقرب من ذلك المسجد مظهر غير حضاري لما يخلفه من ماء وصابون وإيذاء للمشاة.. وهو إن كان موجوداً طوال العام وبدون رقابة من أمانة العاصمة المقدسة مع أنه أمام مركز البلدية الفرعية -وعلى عينك يا تاجر-!! ولكن في يوم العيد هو إساءة لأهالي الحي .. نأمل أن تعمل الأمانة على تصحيح ذلك الوضع الذي يسيء لنا في يوم هو من أجمل أيام حياتنا.. كما أن تنظيم المرور للسيارات في جميع المصليات أمر مُلح حتى لا تحدث اختناقات مرورية.. وكل عام وأنتم والوطن الغالي بخير وتقبل الله طاعتكم.