العقدان الأخيران شهدا تحولاً في طريقة الاتصالات غير مسبوق، وبعد أن كان الناس يبحثون عن توفر خط هاتفي لسكنهم أصبحت الوحدة السكنية الواحدة تحتوي على هاتفين إلى ستة هواتف محمولة تستحوذ على 10-20% من متوسط رواتب الموظفين تشمل فواتير المكالمات واشتراكات شبكة الإتصالات. أصبح الأفراد في حاجة إلى جهاز كمبيوتر أو جهاز آي باد أو كليهما ومصاريف تدريب ومصاريف صيانة ونثريات أخرى ذات صلة، وهناك أجهزة أخرى تخص الأطفال وبعض الكبار مثل الألعاب الإلكترونية بأنواعها وأجهزتها وهناك اشتراكات في قنوات التلفزيون لمشاهدة المباريات العالمية أو محطات أخرى.
كل هذه الأجهزة المتنوعة واقتناؤها تلقي بظلالها على دخل الأسرة وتمثل أعباء مالية قد يصعب على البعض تجنبها، فعلى سبيل المثال وجود الطابعة الإلكترونية أصبح شبه ملزم في ظل الخدمات الإلكترونية المتنوعة للعديد من الأجهزة الحكومية والأهلية التي أصبحت ملزمة، فإذا ما أضفنا تكاليف المواصلات وأسعار المحروقات التي شهدت زيادة مضطردة وأسعار المياه والكهرباء وتكاليف المعيشة التي تشهد هي الأخرى تصاعداً غير مسبوق، هذا عدا تكاليف الدراسة في المدارس والجامعات الأهلية، هذا إذا استثنينا تكاليف الرعاية الصحية التي تستنزف هي الأخرى من تكاليف المعيشة الشيء الكثير، وكلها ضرورات لا يمكن الاستغناء عنها، وأحسب أن الجهات ذات الاختصاص لا يفوت عليها معاناة الناس والتحديات التي يواجهونها، فمؤكد أن هذه المسائل الجوهرية يعكف عليها المختصون للتخفيف من هذه الأعباء الضخمة.
في حوار بين بعض رجال الأعمال، قال أحدهم: لقد تم الاستغناء عن سكرتيري حيث وجدت نفسي سكرتيراً من حيث تنظيم المواعيد والتذكير بها من خلال بعض التطبيقات وكذلك إعداد قوائم الإتصال ومواعيد الأطباء حتى توقيت أخذ الدواء وتخزين المعلومات التي أريدها أقوم بها وأسترجعها بنفسي، ويستطرد في نفس الوقت قائلاً بأن تحميل مواقع الخدمات الإلكترونية في جهازي المحمول ساعدني على الاستغناء عن المعقبين.. الخ. إن ما ذكر صحيح ولكن في المقابل ليس كل القوم لديهم القدرة على القيام بهذه المهمة فضلاً عن أن الخدمات الإلكترونية ساهمت بشكل ملموس (عن غير قصد) في نسبة البطالة العامة. دورنا جميعاً أن نستشعر معاناة الآخرين ونسعى إلى إبطالها أو تقليصها. شيء ما لا بد أن يحدث للتخفيف من معاناة الناس فلا غرو لو زاد حجم المشاكل النفسية والاجتماعية بين المجتمع، لابد لنا من مواجهة الواقع ونقوم بمسئولياتنا نحوهم من خلال الحوارات الهادفة وورش العمل التي تنصب مباشرة في هذه الأزمة.
يقول حكيم: إذا كان عندك تفاحة وعندي تفاحة وتبادلنا التفاح، سيبقى عند كل واحدة تفاحة، أما إذا كان عندك فكرة وعندي فكرة وتبادلنا ما لدينا يصبح عند كل واحد فكرتان، واللقاءات الجماعية الصادقة سوف يتمخض عنها بعض الحلول التي لم تكن على البال.