لم تكن الزيارة التاريخية التي قام بها ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان إلى كوريا الجنوبية في 26-27/ 6 /2019 مجرد محطة عبور قبل قمة العشرين؛ ولكنها كانت ضمن خطة استراتيجية لدعم رؤية 2030 ونسج مزيد من قصص النجاح لتسجل تاريخياً بأن الدولة السعودية الحديثة ماضية في التطوير؛ فكوريا الجنوبية حليف إستراتيجي وتجديد العلاقات أمر مهم لصالح البلدين والشعبين، وهي حققت إنجازات في المؤشرات العالمية 2018م فحصلت على المرتبة 3 من أصل 193 دولة في مؤشر الحكومة الإلكترونية وكذلك مرتبة 2 من ضمن 176 دولة في مؤشر تنمية تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات، فضلاً عن مؤشرات أخرى في الصناعة والقوة العسكرية والابتكار.. فكانت الفرصة الذهبية لتوقيع مذكرات تفاهم وتحالف تقني بين المملكة وكوريا في الاتصالات وتقنية المعلومات لتسريع عملية التحول الرقمي، والإسهام في برامج التعاملات الإلكترونية الحكومية وتدريب الكوادر البشرية في تلك المجالات: مثل الحوسبة السحابية، وتقنيات الجيل الخامس، والأمن الإلكتروني، والبرمجيات والمحتوى الرقمي..
بل تم توقيع 3 اتفاقيات في مجال التصنيع العسكري لدعم الشركة السعودية (SAMI) مع الشركات للصناعات العسكرية هانوا CORPRATION HANWHA للدفاع والانظمة لتعزيز توطين التصنيع العسكري السعودي.. لمواجهة الأخطار المحدقة بالمنطقة من الأخطبوط الإيراني الجائر وإعداد
العدة فبعض المتغطرسين لا يفهمون إلا مبدأ القوة!!
ثم جاءت الرحلة إلى أوساكا لتبرهن للعالم ثقل الدولة السعودية التي وصلت إلى قمة العشرين قبل عدة سنوات ولم يأت ذلك إلا لمؤشرات أداء عالية في دور الاقتصاد السعودي الذي أسس له خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان -يحفظه الله- في تأثيره على الاقتصاد العالمي حيث تم تصنيف المملكة بين أفضل اقتصاديات العالم جنباً إلى جنب مع اقتصاديات دول كبرى كالصين والهند وروسيا وتركيا.. وهذا قد أعطى الدولة السعودية زخماً سياسياً عالياً..
وقد أجرى صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان اجتماعات ثنائية على هامش القمة مع كبار صناع القرارات العالمية مع رئيس وزراء الهند ورؤساء دول مثل سنغافورة وهولندا وأندونيسيا والبرازيل والأرجنتين وبريطانيا وجنوب أفريقيا بل بحث مع رئيس البنك الدولي استعدادات المملكة لاستضافة قمة العشرين (2020)، وهو الشرف الكبير الذي حظيت به المملكة لا لشيء سوى للثقة العالمية في اقتصادها وقدرته على مواجهة التحديات العالمية؛ حيث أثنى تقرير البنك الدولي على الإصلاحات التي أجرتها المملكة في التنظيم والرقابة على القطاع المصرفي وصنف التقرير المملكة في المرتبة 12 بين 183 دولة بالإضافة إلى دور المملكة في الاستقرار الاقتصادي ودعم الدول النامية ومساهمتها في التنمية الإقليمية والدولية ومكافحة الارهاب وغسيل الأموال .
ثم جاءت الكلمة الضافية التي ألقاها سمو الأمير محمد في القمة لتثبت للعالم أنه الإنسان الذي يهتم بحقوق الفقراء في العالم من خلال اهتمامه ببرامج الطاقة حيث مبادرة المملكة من عام 2008م (الطاقة من أجل الفقراء)، وضرورة حماية إمدادات الطاقة لتلبية الاحتياجات الأساسية للاقتصاد العالمي، ووضع أطر قوية للاستقرار العالمي في أسواق النفط. بل كان اهتمامه لتمكين المرأة وزيادة مشاركتها في سوق العمل ليبرهن إيمانه بأن المجتمعات الإنسانية بحاجة إلى أبنائها ذكوراً وإناثاً، وأن أي تمييز ضد المرأة ليس لصالح المجتمعات وتقدمها..
لم يترك سموه شاردة ولا واردة في كلمته تهم العالم إلا وتحدث عنها: في الابتكار والبيئة، وتغيير المناخ، والانبعاثات الحرارية وغيرها..
حقاً لقد كنت أنت يا صاحب السمو القمة.. لتتسلم الراية من أوساكا وتضعها في الرياض رغم أنف كل الحاقدين والحاسدين.