دور ريادي وناجح لجمعيات مساعدة الشباب والفتيات على الزواج
غياب دور «الموجّه» يفاقم مشكلة النفقات ويحيد بالزواج عن مفهومه الشرعي
مازالت ظاهرة النفقات الفلكية للأعراس (عقبة) أمام الكثير من الشباب الحالم بإكمال نصف دينه. وقال شباب وفتيات لـ»المدينة» إن التقليد الأعمى والمشاهير يعدان السبب الرئيسي فى هذه الأزمة حيث ينزلق الشباب من وراء هذه المناهج إلى منزلق الديون، مطالبين بجهات تتصدى لهذا الأمر، مثمنين دور جمعيات المساعدة على الزواج واصفين دورها بـ الرائد.
ماذا قال الشباب ؟
يقول طراد المُلا، أعزب: للأسف فإن الشاب الآن أصبح لا يُقبل على الزواج إلا في سن متأخرة تصل إلى منتصف الثلاثينات أو الأربعينات وأًصبحت هذه الظاهرة طبيعية بسبب غلاء تكاليف الزواج إذ يمضي الشاب عمره وهو يحاول أن يفي بالمطلوب للزواج وتكوين أسرة. فالزواج الآن لا تقل تكاليفه عن 200 ألف ريال موزعة ما بين مهر وذهب وإيجار شقة وقاعة أفراح بجميع كمالياتها، إذ إن هذا المبلغ سيأخذ سنين طويلة من عمر الشاب لتسديده لذا فإن التأخر هو الحل الأسلم من دوامة الديون.
السوشال ميديا
الشاب عبدالرحمن أسعد يقول: السوشال ميديا وما يرد فيها هي العائق والعقبة الأكبر أمام الشاب في عصرنا الحالي، حيث إن الفتيات أصبحت قدوتهن تلك المشهورات اللاتي لا تتزوجن إلا بفارس أحلام يشبه ذلك الذي في القصص وكأنه يحمل لها عصا سحرية يحقق لها ما تريد، ولا ترضى إلا بزواج أسطوري.
وتجد الفتاة تعكف على اختيار قاعة الزفاف والفستان والترتيبات والتنسيقات والهدايا وإطلالتها بالكامل من خلال مواقع التواصل الاجتماعي والشركات العالمية التي تفوق تكاليفها القدرة المادية للشاب العصامي الطبيعي ذا الدخل المحدود.
الزواج تكاتف
وذكر «أبو أنمار المطيري» – متزوج-: نحن تزوجنا في سن مبكرة وكانت حينها عن الثمانينات والتسعينيات أتحدث، الأمور ميسرة في الزواج من كافة النواحي وكانت البساطة وطلب التوفيق من الله هي الغاية الأولى. ويضيف: تزوجت بمهر يسير لم يتجاوز العشرين ألف ريال شامل الذهب وحفلة الزفاف كانت من أبسط ما يكون في أحد القاعات التي لم يتجاوز إيجارها الخمس آلاف ريال، وكانت كافة تفاصيل الحفل من ولائم وتجهيزات أسعارها معقولة لم تتجاوز الخمسين ألف ريال، استطعنا بفضل الله من توفير أساسيات الحياة مثل شراء منزل وسيارة ونحوها في سنوات قليلة والسبب أننا لم نتكبد أية ديون من أجل تكاليف الفرح. وتؤيده «أم يحيى خضر» بقولها: كان الزواج في السابق تعاون وتكاتف وتسهيل لذا فأنا أراها زيجات مباركة ومستمرة لأنها قائمة على الاتفاق والتيسير. وتوضّح: كانت حفلات الأعراس تقام في الأحواش والمنازل دون تكاليف باهظة وكان المجتمع يتكاتف لتقديم الهدايا للعروسين وأسرهم من باب التكافل الاجتماعي والكل يخدم بعضه دون الحاجة إلى المبالغة.
النفقات الفلكية
وترى الشابة المقبلة على الزواج «فاطمة بسام» بأن ارتفاع تكاليف الزواج الآن مبررة حيث قالت: لابد أن يعي المجتمع أن تكاليف الزواج الآن مختلفة عن الحقب الزمنية السابقة لنا فالمتطلبات في السابق مختلفة تمامًا عن ماهي عليه الآن لذا فإن إرتفاع المهور وترتيبات حفلات الأعراس بتلك المبالغ لها تبريرها المنطقي ونحن كفتيات لانرى فيها أية مبالغة. وقالت دانة العويضي –
عازبة- قالت من الطبيعي أن تصنع العروس من ليلة زفافها الوحيدة ليلة لا تنسى بغض النظر عن التكاليف لأنها لن تتكرر. لذا فأنا لا أؤيد أن أعيش في زمن غير زمني وأقبل بزواج دون المستوى مقارنة بأقراني، فالاحتياجات في هذا الزمن هي التي تضع العوائق وليس الفتيات كما يقال، ونحن نطالب بمهور مرتفعة بسبب ارتفاع الأسعار في الأسواق وأسعار الذهب والصالونات وفساتين الأفراح وهذه تعتبر من أساسيات ليلة العمر فلا بد أن يستوعب الشاب بأن العروس لا تطلب زيادة المهر من غير مبرر.
النموذج المثالي
المستشارة الاجتماعية والأسرية «عالية الشمراني» قالت تعليقًا على التكاليف المبالغ بها في الزواج بأن بعض الناس ينشغلون كثيًرا بحياة المشاهير ويضعونهم نصب أعينهم بدرجة تصل بهم إلى عدم الاقتناع بمستواهم ولا الرضا بالزيجات البسيطة. وكذلك أصبح هناك إقران غير صحّي بين المشاعر والماديات إذ أن بعض الفتيات أصبحت تربط عدم مقدرة الشاب على تلبية متطلبات الزواج الفارهة ورغباتها بالمودّة، إذ ترى بأنه غير قادر على إسعادها وتحقيق درجة الرومانسية التي يحظى بها المشاهير باعتبارهم أيقونة حب من وجهة نظرها
وتنوّه الشمراني: هنا يتجلى دور الأهل تجاه أبنائهم فلا بد من أن يكون للأسرة دور واعٍ في تقنين الطلبات وتوعية أبنائهم وبناتهم بأن حياة المشاهير ليست هي النموذج المثالي.
الطريق الأفضل
وتقول المستشارة الاجتماعية «دعاء زهران» قال صلى الله عليه وسلم: (إن أعظم النكاح بركة أيسره مؤنة)، فقد حثنا ووجهنا ديننا إلى الطريق الأفضل والأسعد والأيسر وعليه فمن يبدأ شق طريق حياته بالطريقة الطبيعية التي حثنا عليها شرع الله تعالى ورسوله حتمًا سيرى البركة والسعادة فيجب أن يكون هدف الزوجين إسعاد بعضهم وبدء حياة جديدة بقلوب صافية ونوايا طيبة تملؤها الهدوء والطُمأنينة. وهناك قاعدة دينية ثابتة بدايةً باختيار الشريك الرجل حيث قال عليه الصلاة والسلام: (إذا أتاكم من ترضون خلقه ودينه فزوجوه) وللمرأة فإنها: (تنكح المرأة لأربع.... فاظفر بذات الدين تربت يداك)، فإن كانت اختياراتنا مبنية على المنصب الإجتماعي ومجموع الحسابات البنكية وغيرها من أقوال البشر فلا نلوم الزمان عن فشل الحياة.
أما المبالغة في تكاليف الزواج سواءً في غلاء المهور أو متطلبات الزواج لنواكب مشاهير السوشل ميديا أو لأكون السبّاقة فتتسلط عليهم الأضواء دون النظر للمغزى الحقيقي والهدف الرئيسي من الزواج، فيجب أن يتنبهوا جميع المهووسين بمشاهير مواقع التواصل الاجتماعي بأن ما يتم عرضه من مقتنيات شخصية لهم كالملابس والمجوهرات والشنط وحتى مفروشات منازلهم وغيرها الكثير من المنتجات فهي مجرد هدايا تقدمها لهم الشركات تسويقًا لمنتجاتهم، وفي الحقيقة هم لا يدفعون مبالغ طائلة ولا يتكبدون الخسائر ولا يثقلون كاهلهم بالديون من أجل أن ينالوا إعجاب المجتمع فهي مجرد مظاهر زائفة.
وتضيف زهران: ثم إن الهدف من احتفالية الزواج هو الإشهار وليست الإفلاس فلنبدأ حياتنا بالرضا والبساطة، وأن يكون هدفنا إسعاد أنفسنا وليس من حولنا.
الدور الريادي
المملكة تزخر بالجمعيات الخيرية التي تمد يد العون للشباب المقلبين على الزواج لعل أبرزها الجمعية الخيرية للزواج والتوجيه الأسري بجدة والتي تعمل باحترافية لمساعدة الشباب والفتيات على الزواج وبناء أسر مستقرة وتنشر ثقافة تيسير الزواج بشتى ومختلف الطرق، فهي تملك ريادة التميز في تيسير أمور الزواج المادية وتأهيل المقبلين والمقبلات عليه من خلال شراكات فاعلة استطاعت حتى الآن مساعدة 80 ألف شاب وفتاة على الزواج.
حيث تقوم الجمعية في إطار الشرعية بتوفير مساعدات مادية كالقروض، وعينية مثل الأثاث وفي ومستلزمات للعروسين مثل الملابس، وكذلك تقدم ورش عمل ودورات لتأهيل المقبلين والمقبلات على الزواج من مختلف الجوانب الشرعية –
الاقتصادية- النفسية- الاجتماعية- والصحية.
وفي آخر مستجداتها فقد سلّمت الجمعية الأهلية لمساعدة الشباب على الزواج والتوجيه الأسري بجدة 1440 عريسًا المستلزمات العينية من أثاث وأجهزة كهربائية وأدوات مطبخ وغرف نوم، والتي ساهم بها الأهالي والتجار بما قيمته ستة ملايين وخمسمائة ألف ريال لعدد 1440 عريسًا بهدف التيسير على هؤلاء الشباب لمتطلبات تأسيس بيت الزوجية. ويأتي ذلك في الوقت الذي يشير فيه الاستطلاع الذي أجري على شريحة من الشباب المقبلين على الزواج أن تأثيث بيت الزوجية يشكل 45% من تكاليف الزواج.
المشاغل النسائية
فى جازان أبدت عدد من السيدات استياءهن بسبب ارتفاع أسعار المشاغل النسائية والمصورات في موسم الزوجات مطالبات الجهات ذات الاختصاص بتدخل لحد من ارتفاع الأسعار. وقالت المواطنة مريم آل علي: أن تجهيز العروسة وصل في بعض المشاغل من 5000 ريال إلى 7000 ريال و سعر المصورة من 2500 إلى 9000 ريال بينما تجاوزات أسعار المطربات الـ25 ألفا، ما يزيد العبء على العريس. وعزت آل علي سبب ارتفاع الأسعار لغياب الجهات ذات الاختصاص لمتابعة الأسعار وكذلك زيادة التفاخر بين النساء في المنطقة.
أسعار القاعات
فاطمة حمد:تقول بعض الأسر تتشرط على العريس وأهلها قاعة مثل قاعة زفاف صديقتها التي تعدت مبلغ 25 ألف ريال وهم لا يملكون المبلغ فتضغط عليهم ليتم طلب قرض واستجار القاعة المناسبة له ليتم الزفاف. فيما تشاركها مريم على قائلة: أن أغلب الأسر تشترط أن يكون هناك ليلة ثانية للعروس تكون قبل القاعة أو بعدها تتزين العروس بالولبة الجيزانية التي تكلف ما يقارب 2500 إلى 3000.
الحناء والطرب
صالحة محمد قالت: تختلف الأسر في عاداتها في نقش الحناء للعروس وأهلها فالبعض يقتصر النقش على العروس وأهلها والبعض الآخر يعتمد على نقش الحناء لجميع الأهل والجيران الأمر الذي يرفع سقف المبلغ إلى 4000 ريال وأكثر،
نزع للبركة
فاطمة مكرتع: كثرة التباهي في الأعراس نزعت البركة من الحياة الزوجية، حيث يتعرض الكثيرون للطلاق وكثرة الديون، وكثرة المشاكل.
شباب وفتيات: المشاهير والتقليد الأعمى وراء نفقات الزواج الفلكية
تاريخ النشر: 10 يوليو 2019 03:04 KSA
اجتماعيون: حفلات الأعراس «إشهار للزواج» لا «إشهار للإفلاس»..!
A A