حُوصِر العديدُ من الشباب السعودي المُعطَّلِ عن العمل داخل مثلّث مُتساوي الأضلاع، ويُشبِه مثلّث برمودا في مُعاناة من يتواجد داخله، وصعوبة الخروج منه بسلامة إلّا بتوفيق الله ولُطْفِه!
وأوّل أضلاع المُثلّث هو الوظائف الحكومية، التي يكثُر الطلب عليها مقابل قلّة المعروض منها، وهي تُمثّل الرغبة الأولى لشبابنا بما تتميّز به من حوافز مُغرية وضمان وظيفي كبير، لكنّها بالنسبة لهم مثل النجوم المُرصّعة في السماء، يرونها ولا يُضامُون في رؤيتها، وتشخص لها أبصارهم بتلهّف، لكنّهم لا يستطيعون إلى التوظّف فيها سبيلا، إلّا من كان محظوظًا منهم حظًّا مُبِينا!
وثاني الأضلاع هو كثرة وظائف القطاع الخاص، ومع ذلك يشغل أكثرها الأجانب، خصوصًا المهمّة والقيادية، وتقلّ فيها الحوافز والضمانات، وما زالت هناك فجوة بين معظم شركات القطاع وبين شبابنا، وأزمة ثقة تقطع حبل الوُدّ بين الطرفين، والمُتسبّب فيها هو الشركات بنسبة كبيرة، وتُقلّل الأزمة فُرص عمل شبابنا في القطاع ومقدار رضاهم عنه وسعادتهم فيه، وتهديها للأجانب على طبق من ذهب، الذين استفادوا من الأزمة استفادة عظيمة، وسيطروا على الكثير من جهات القطاع لدرجة لو رآها مُحايِد لَظَنّ أنّها غير سعودية!
أمّا الضلع الثالث فهو معوقات فُرص الأعمال الاستثمارية الحُرّة، فهي تحتاج لرأس مال لا يتوفّر لدى شبابنا، ونواحٍ إجرائية ونظامية كثيرة وصعبة تكاد تُثبّطهم عن الاستثمار، ولم يترك لهم كبار التُجّار وهوامير الاستثمار فُرصة للتألّق والإبداع والانطلاق في رحلة العصامية الطويلة مثل رحلات آبائهم وأجدادهم!.
فدعونا لله ثمّ للتاريخ والوطن، ننقذ شبابنا من هذا المُثلّث، مثلّث برمودا المُعطَّلِين، بإصلاح كلّ يمكن إصلاحه في الأضلاع الثلاثة، من حرف ألِفِه لحرف يائه، وتقويم ما كان منه مُعْوَجًّا، وتوطين ما كان منه أجنبيًا، وربط الأضلاع ببعضها البعض إيجابيًا، فلا يشذّ ضلع عن آخر، بل يسنده ويعضده، وخلْق الاندماج بينها فتعمل كبُنيان واحد مرصوص، لا توجد فيه ثغرات سلبية تضرّ بشبابنا، ولنثق تمامًا بأنّ المكان المناسب لأيّ مثلّث برمودا محفوف بالمخاطر هو بحار الظلمات، لا وطن الخير والنماء، وطن السعودية العُظمى بحول الله، شاء من شاء وأبى من أبى، وطن الرؤية الحالمة «٢٠٣٠»، بمقدار ما يحلم به الشباب من عمل ثمّ رخاء.