أنشئت (خيام منى المطورة) منذ عام 1417هـ بعد أن تكررت الحرائق في الخيام التقليدية.. وكان ذلك قرار الدولة السعودية التي تجعل من خدمة ضيوف الرحمن وأمنهم وسلامتهم من أولى أولوياتها وتحرص على توفير كافة السبل والوسائل ليؤدوا مناسكهم براحة وطمأنينة وسلام.
وقد بنيت تلك الخيام المطورة بعد دراسات معمقة واستخدمت فيها مواد غير قابلة للاشتعال، وتستوعب حوالي (1.300.000) حاج، وبحمد الله حققت أهدافها في عدم حدوث حرائق في منى.
وحقيقة استبشرنا خيراً بإنشاء الهيئة الملكية لمكة المكرمة بتاريخ 1/6/2018م، وحتماً إن إشراف سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز -يحفظه الله- عليها كرئيس لمجلس إدارتها؛ يعطي المشروع زخماً واهتماماً عالياً. وستتحول المشاعر المقدسة بإذن الله إلى أنموذج عالمي للتجمعات البشرية، واستقبال 30 مليون حاج ومعتمر حسب رؤية 2030م فهو مهندسها وعرابها.
وحقيقة قد شاهدنا مؤخراً اجتهادات شخصية في (معرض مشاعر1) منها كبسولة يقولون إنهم قادرون على إنشاء 4 ملايين منها!! ولخيام بدورين، وأنه «سيتم تأجيرها على مؤسسات الطوافة هذا العام، وهي مجهزة بدورات مياه وسيتم تدشين جزء منها هذا العام وبقية الخيام سيتم استكمالها العام القادم..».
وبصرف النظر عن اعتمادها أو عدمه من الجهات المختصة.. فما نأمله ليس حلولاً مؤقتة لمشكلات مزمنة. ولكن ما نتطلع إليه هو تغيير جذري في البنى التحتية (لمدينة المشاعر المقدسة) ولمدة 50 عاماً القادمة؛ بأن تكون مدينة ذكية خاصة أن وزارة الشؤون البلدية والقروية قد طبقت مفهوم المدن الذكية على مدينة مكة المكرمة ضمن خمس مدن أخرى سعودية وهي إحدى مبادرات التحول الوطني 2020 .
وأن يكون استغلال المساحات رأسياً بأبنية متكاملة. وتتوافر فيها كل مقومات الحياة العصرية وبما يحقق راحة وطمأنينة وسلامة الحجاج. بل وأهم من ذلك توفير الطاقة الاستيعابية للمكان للأعداد المتزايدة ولنا في جسر الجمرات خير شاهد على ذلك حتى أصبح مفخرة في استيعابه لأعداد الحجاج التي قد تصل إلى 4 ملايين حاج.
بل أن نطلق العنان للخيال وإعادة هيكلة (المخطط الشامل للمشاعر المقدسة) وبمشاركة القطاع الخاص بحيث تحتوي مواصفاتها على مبانٍ سكنية متعددة الأدوار، وتشغيل للكهرباء بنظام الطاقة الشمسية أو الطاقة المتجددة وأن تعتمد على تدوير النفايات، وبنظام المباني الخضراء، مع توفر الاسواق التجارية، والمطاعم السريعة؛ والتي تعمل طوال العام بدلاً من هجر المكان لمدة عام كامل.. فاستخدام المكان وعمل الصيانة اللازمة باستمرار كفيل بالمحافظة عليه واستغلاله الاستغلال الأمثل.
وأن تكون هناك شبكة للمياه، والصرف الصحي، والتكييف المركزي، والتبريد للمياه، بل أن تمتد بها شبكة الأنفاق (المترو) التي مازالت تحت الإنشاء من مكة المكرمة الى المشاعر المقدسة فهي مناسبة لطبوغرافية مكة الجبلية.
كل ذلك بأبنية حديثة متعددة الأدوار، وذات طابع إسلامي، ومزودة بشبكات انترنت ومقرات إعلامية بتقنيات متطورة. وأن تحدد مقار للوزارات في أماكن خاصة ومساحات تتناسب مع الحجم الحقيقي للطلب وبدون مبالغات تؤثر على المساحة المخصصة لحجاج بيت الله الحرام.
كلنا ثقة بأن الهيئة الملكية لمكة المكرمة والمشاعر المقدسة ستقوم بذلك وربما أكثر..
نتمنى أن تكون قد دقت ساعة العمل بمغادرة آخر حاج من منى لموسم حج 1440هـ لتكون انطلاقة المشروع الحلم.. ولنا في (نيوم) خير شاهد على أن عزائمنا كجبل طويق وبها نحقق المستحيلات.