الحج ركن من أركان الإسلام فرضه الله مرة في العمر للمستطيعين، فالحج يمثل الرمز السامي البليغ لأصدق معاني الإخاء والمساواة، ولاغرو أن تتجلى يوم الحج الأكبر المساواة في شتى مفاتنها حيث تجتمع مئات الألوف من مشارق الأرض ومغاربها في مكان واحد وزمان واحد وفي لباس واحد يناجون ربهم يحدوهم الأمل في مغفرة الرب ورضوانه وجمع الشمل ووحدة الكلمة وتآلف القلوب.
إننا نشهد هذه الأيام بشائر الحج الأكبر وهي ترد إلينا من كافة أنحاء المعمورة، وقد منَّ الله على هذه البلاد بشرف نيل خدمة وفود الرحمن وتسهيل سبل الحج وتوفير الأمن الشامل الذي تنعم به هذه البلاد منذ تأسيسها على يد المؤسس الملك عبدالعزيز طيَّب الله ثراه حيث جعل أمن الحج وطرقه في مقدمة أولوياته بعد أن كان الحج وفقاً لما عبَّر عنه أحمد شوقي قبل العهد السعودي قائلاً:
ضج الحجيج وضج البيت والحرم
واستصرخت ربها في مكة الأمم
أُهين فيها ضيوف الله واضطهدوا
إن انت لم تنتقم فالله ينتقم
إلى أن يقول:
ويُسفَك الدم في أرض مقدسة
وتُستباح بها الأعراض والحرم
في الوقت الذي يصف الدكتور محمد حسين هيكل كيف
أصبحت هذه البلاد مضرب المثل في الأمن بعد أن كانت مضرب المثل في الفوضى، وكان الحاج لا يأمن فيه على نفسه وأهله ولا يأمن على ماله حتى أصبح الحج وراحة الحجاج وطمأنينتهم غاية خادم الحرمين الشريفين وكل من يتشرف بخدمة الحجيج.
ليست توسعة الحرمين الشريفين وتطوير وتحديث الطرق ووسائل النقل الآمنة وتوفير كل أسباب الراحة إلا جزءاً من منظومة الحج الشاملة بما فيها المشاعر المقدسة حتى إذا ما وصلوا إلى هذه البلاد ملأوا أعينهم من رؤيتها وأطفأوا ظمأهم بشربةٍ من زمزم، حمدوا الله تعالى وهللوه وكبروه وعظَّموه على ما منَّ به وأفاضه عليهم من جلائل النعم والوصول لأرض الحرم.
ومن حقنا أن نفخر بما أولانا الله به من شرف خدمة الحجيج ونسأل الله أن يديم علينا هذه النعمة ويوفقنا لأداء شكرها، ونسأله سبحانه أن يوفقنا وكل من رغب في الحج إلى تعظيم شعائره وإعلاء كلمته.