من الظواهر التي لا تزال موجودة في مجتمعنا منذ زمن طويل (ظاهرة التسول)، والتي غالبًا ما يكون أصحابها من العمالة الوافدة؛ إذ أشارت الإحصاءات بأن المتسولين السعوديين لا يتجاوزون 10 %
من إجمالي المتسولين، وبالرغم من تكفل وزارة العمل والتنمية الاجتماعية بهؤلاء، إلا أن المتسولين من العمالة الوافدة لا يزالون منتشرين في العديد من المدن، ومن الأسباب التي أشارت لها بعض الدراسات عن انتشار هذه الظاهرة هو أن مسؤولية مكافحة التسول موزعة بين عدد من الجهات المختلفة، مثل وزارة الداخلية ووزارة العمل والتنمية الاجتماعية والدوريات الأمنية ومراكز الشرط، كما أنها محصورة في بعض المدن والأحياء وعدم كفاية بعض الإجراءات النظامية في ردع المتسولين، وتوفير آلية لرفع البلاغات عنهم؛ ما يستدعي ضرورة تحديث الإجراءات الخاصة بمكافحة التسول وخصوصًا تجاه بعض المتسولين الذين يصعب تنفيذ الإجراءات النظامية بحقهم.
مؤخرًا نشرت صحيفة (المدينة) خبرًا بأن هناك مشروعًا جديدًا تنوي وزارة العمل والتنمية الاجتماعية طرحه لمكافحة التسول بكل صوره وتطبيق العقوبة بحق مرتكبيه، والتوسع في مفهومه من خلال اعتبار استجداء المال من الغير بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، ويشمل ذلك عرض السلع التافهة أو الألعاب الاستعراضية، وكذلك اصطناع الإصابة بجروح أو عاهات أو استغلال الأطفال بقصد التأثير على الغير واستدرار عطفه أو أي وسيلة أخرى ضمن عمليات التسول، وقد تم وضع المشروع الجديد بالتنسيق مع العديد من الجهات ذات العلاقة؛ لأخذ التدابير اللازمة للحد من هذه الظاهرة ونشر الوعي المجتمعي حيالها، وبيان ضررها الاجتماعي والأمني والاقتصادي، وقد تضمنت بعض مواد النظام عقوبات تشمل السجن وغرامة تصل إلى 100 ألف ريال للسعوديين والترحيل لغير السعوديين ممن لديهم إقامة نظامية، كما تضمن النظام التوجيه بأن تحال كل قضايا التسول للنيابة العامة.
مشاهد التسول لا نزال نراها باستمرار، خصوصًا في بعض المساجد، وبعد الصلوات، خاصة صلاة الجمعة وفي بعض الأماكن العامة والطرقات وبأشكال مختلفة، ومنها أيضًا وجود بعض العمالة التابعة لبعض الشركات المتعاقدة مع جهات حكومية، لدرجة أن تلك العمالة أصبحت تتنافس للوجود في أماكن وطرقات محددة وأسواق بعض المدن؛ ليكون لديها حصيلة مالية أكبر من التسول، وكل ذلك يحتاج إلى جدية وحزم في تطبيق المشروعات الخاصة بمكافحة هذه الظاهرة، فليست العبرة في تجديد النظام فقط، بل وأيضًا في دقة تطبيقه.