لا ريب أنَّ من تمكَّنه ميزانيته من قضاء إجازة صيفية خارج المملكة حيث الماء والخضرة هربًا من حر صيفنا اللاهب، قد تميز عن كثيرين، وتفادى معاناة الأهل والجيران الذين لا تسمح لهم ظروفهم المادية بتحمُّل مصاريف إجازة مهما قلَّت تكاليفها هي فوق قدرتهم واستطاعتهم.. عدم مقدرة الغالبية من الأسر متوسطة الدخل من الإبقاء على مستوى يتيح لها نمط معيشة اعتادته لسنوات، ليس بسبب ارتفاع نفقات المعيشة فحسب، بل تناقص مدخراتهم النقدية، ومغريات الحياة العصرية التي تخطت حدود المنطق والمعقول.
نظرة سريعة إلى الناشئة في مجتمعنا السعودي، ومن هم دون الخامسة والعشرين خاصة، ما يزالون يعتمدون على أرباب أسرهم في تحمّل متطلبات تنشئتهم وتعليمهم إضافة إلى مصاريفهم اليومية الترفيهية من سهر ولهو.. ويبدو أن ارتفاع تكاليف الحياة عامة هي في سباق مع سخونة الجو المناخي والسياسي الذي يشهده بلدنا هذه الأيام! الأول بسبب المناخ، والثاني بفعل مؤامرات ومخطَّطات وأيادٍ عميلة تسعى لنشر الفوضى والدمار في مجتمعات العالم العربي عملًا ببروتوكولات صهيونية لسيطرة اليهود على العالم اعتقادًا منهم بأنهم «شعب الله المختار.
يبدو أن ارتفاع درجات حرارة اليوم وأنا أحرر هذه الخاطرة قد أبعدني عن موضوع مقدمتها؛ معاناة غالبية أفراد مجتمعنا من موازنة دخلهم مع مصروفاتهم! هذه المعاناة التي تزداد حدة كلما اقتربت أيام عيد الأضحى ومتطلباته الأسرية والاجتماعية؛ ولما تتمكن الأسر من تعويض العجز من جراء مصروفات شهر رمضان وعيد الفطر.
في العديد من البلدان الصناعية التي تعتمد غالبية سكانها على دخل شهري محدد، اعتادوا على أخذ إجازة سنوية ما بين منتصف شهر يوليو حتى نهاية شهر أغسطس.. وإجازة أخرى في أعياد رأس السنة الميلاديَّة.. وتقدم لهم الجهات التي يعملون لديها مكافأة نقدية لا تقل عن راتب شهر في الصيف، وآخر مثله مع اقتراب العام الميلادي الجديد.. وقد تزداد المكافأة إلى الضعف وأكثر، وفق نسب أرباح الجهات التي يعملون بها، فيتمكن العاملون لديها من قضاء إجازاتهم الصيفية داخل بلدانهم أو خارجها، كما يتمتعون بلم شمل العائلة والأصحاب مع اقتراب العام الجديد. وبذلك لا يتعرض رب الأسرة عندهم إلى ضغوط نفسية أو أزمات مادية تحول دون قدرته على مواجهة مصروفات المناسبات الطارئة، ومنها الدينية التي تتمثل عندنا بشهر رمضان وعيدي الفطر والأضحى.
وطالما الشيء بالشيء يذكر، فما دام تنمية 2030 تسعى لمجاراة البلدان الاقتصادية في تخطيط اقتصادها وتوازن إيراداتها بالتناسب مع مصروفاتها ودون الاعتماد كليًّا على إيرادات الطاقة، فقد يكون من جدوى سير الأمور باضطراد، قيام قطاعنا الخاص بمساعدة العاملين فيه ممن يعتمدون على دخل شهري محدود في موازنة أمور معيشتهم بمكافآت نقدية مماثلة لتمكينهم من التمتع بإجازة صيفية وبمناسبات دينية لا ترهق كواهلهم. فما يقدم للعاملين كل في مجاله، هو نتاج جهدهم وعملهم.. وبلا شك، يكون حافزًا على مضاعفة عطائهم لما فيه خير الجهات التي يعملون لديها والمجتمع عامة، كما أن تمتع العمال والموظفين بإجازاتهم هو تنشيط قدراتهم على أداء مهامهم بشكل أفضل.. ويبقى الإنسان الذي كرَّمه الله في الحياة، أغلى ثروة ورأس مال لموارد الدولة.