عصا المازني.. وعباءة أرسلان..!!

.. كلما لاح موسم حج، طافت في الذاكرة العديد من الأخيلة..

****

.. في زمن العج والثج، واختلاط الأقدام، وحداء الجمَّالين، وأصوات الملبين، وأفراح العاشقين في أرض الطهر، حكاياتٌ حرَّى تتالت من (هنا)، وبقي النداء الخالد «لبيك» يسكن ذاكرة الزمان والمكان..

****

.. أحدِّثكم عن رحلة الحج على ظهر جمل، حيث القوافل والشقادف وحداء الجمالين..

****

.. وعن التعب والأنفاس، والصحاري والفيافي، ومناخات الرواحل، وطول الأسفار، وشروق الشمس وأصيلها وهي ترسم مع أحاديث الحجاج لوحة لا يمكن استيعاب جمالها، إلا لمن عاش لحظاتها..

****

.. وأحدثكم عن الرصاصة عندما تكون أغلى من الإنسان، وزمن الخوف وقطَّاع الطرق والوحوش والمتاهات والرحلة الى المجهول..

****

.. إنها رحلة الذاهب المفقود والعائد المولود..!!

****

.. أغار قطَّاع طرق على قافلة ونهبوها وقتلوا أكثر من فيها ثم عادوا يرقصون إلى ديارهم..

واستخسر أحدهم رصاصته عندما لم يجد في جيب ضحيته إلَّا ريالاً واحداً..

يا لها من وحشية، أو يا له من سحيق..!!

****

.. ساد حكم الغاب، وعمَّت الفوضى والاضطراب، ولف الكون الظلام والرعب وترجى الناس الخلاص...

****

.. في لجة العتيم، هبّ صقر من هناك، خبط الأرض بمخلبيه ليحقق معادلة التحولات الأمنية، في العمق المجتمعي..

****

.. قمة الإبهار أن هذه التحولات جاءت بقياسات لمح البصر..

****

.. فما بين زمن الرصاصة والقماش الذي يغطي واجهات الدكاكين في غياب أهلها فلا يقربها أحد أشبه بمتغير عصا موسى..

****

.. حج شكيب أرسلان عام 1348هـ، سقطت عباءته الحساوية وهو في طريقه إلى الطائف.. كانت القوافل تتجافى عنها ولم ينتبه إلا بأمير الطائف يسألهم: «هذه لمن..؟». فقال مقولته المشهورة: «صحاري نجد وفيافي الحجاز آمن من شوارع حواضر أوروبا»..!!

****

.. ولحق أحد السيارة إبراهيم المازني في الشميسي بعصاه التي فقدها في أبرق الرغامة..!!

****

.. وأعطى عباس متولي أعراباً التفوا حول سيارته المتعطلة في طريق المدينة نقوداً ثم طلب من أحدهم أن يمد يده وأن يأخذ من جيبه ريالاً، غير أن الأعرابي ارتعد وابتعد وهو يتمتم: «إلا قطع اليد»..!!.

****

.. سر التحول: ليس سحراً أو أحجية، ولكنه احتكام الأرض إلى عدل السماء.

.. فحين يكون الدين، يكون الأمن.. وحين يكون الأمن، تكون حقيقة الحياة.