مع توافد حجاج بيت الله الحرام إلى مكة المكرمة مهبط الوحي ومنبع الرسالات السماوية تلبية لنداء المولى عز وجل لحج بيته الحرام كركن من أركان هذا الدين العظيم، ليلتقي الإنسان بعالم الحقيقة حتى يشعر بخروجه من هذه الدنيا الفانية إلى ربه في تلك البقعة الشريفة التي يفدون إليها من كل بقاع الأرض يمتثلون لأمر الله عزوجل، قال تعالى (وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالاً وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق)، منظر عجيب هذا الوقوف بعرفات وجبل الرحمة هذه الحكمة الربانية التي تحمل الكثير من المشاعر والأحاسيس ويختلط بتلك المشاعر ذلك الشعور بأن هنا مقام عظيم وموقف مشهود.. هذا الموقف التاريخي في عرفات الله وعين الحاج على ذلك المكان الذي وقف فيه نبي الرحمة الحبيب المصطفى عليه صلوات الله وسلامه.
فأي شعور يحس به الحجاج وهم في ذلك الموقف بعد أن أتوا شعثاً غبراً تسبقهم قلوبهم لرحمة الله وكرمه كأنهم جسد واحد بلباس واحد ولسان واحد (لبيك اللهم لبيك)، ثم يقفون بين يدي المولى ليتذكروا حجة الوداع وكيف ألقى المصطفى صلى الله عليه وسلم خطبته في وادي عرفات عندما وجد القبة التي ضربت له بنمرة فنزل بها حتى إذا غابت الشمس أمر القصواء ناقته فرحلت له فأتى بطن الوادي وقال خطبته المأثورة :»إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا، ألا كل شي من أمر الجاهلية تحت قدمي موضوع ودماء الجاهلية موضوعة، فاتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمانة الله، وقد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به كتاب الله». بهذه الكلمات المضيئة أنهى الحبيب صلى الله عليه وسلم خطبته، وهاهم الحجاج يتجهون إلى بيت الله الحرام ليطوفوا ويسعوا فترى الحاج مستبشراً ويده على الملتزم وعند باب الكعبة ويصلي أمام مقام سيدنا إبراهيم صلوات الله عليه ثم يقبل الحجر الأسود وقلبه قد تعلق بقطعة من الجنة..
الله هذه الوفود أتت بعد أن فارقوا الأهل والأحباب وتركوا الغالي والنفيس يتشوقون ويرجون رحمة رب السماء ومغفرته، وهنا يطيب ذكر هذه الأبيات
ياراحلين إلى منى بقيادي
هيجتمو يوم الرحيل فؤادي
حرمتمو جفني المنام لبعدكم
ياساكنين المنحنى والوادي
لي في رُبى ظلال مكة مرهم
فعسى الإله يجود لي بمرادي
يقول لي يا نائماً جد السُّرى
عرفات تجلو كل قلب صادي
من نال من عرفات نظرة ساعة
نال السرور ونال كل مراد
من قصيدة للشاعر عبد الرحيم البرعي
رسالة:
أما من يريد تسييس الحج وافتعال الأزمات والأكاذيب فإن المملكة العربية السعودية لا تعمل في الخفاء وكل التسهيلات واضحة وضوح الشمس في رابعة النهار وليس هناك ما يعيق من أراد أداء الفريضة بكل هدوء واطمئنان ، فحكومة خادم الحرمين الشريفين تعمل بشكل يراه ويسمع به العالم أجمع، هدفها خدمة الحاج منذ وصوله حتى مغادرته بكل التفاصيل. أما العمل المشين ممن يريدون الإساءة للمشاعر الدينية ولهذا الوطن المعطاء فلن تلتفت لهم المملكة كما أنه لا يهمها أي زيف أو تصريحات كاذبة ومفبركة من الإعلام المأجور.
أدام الله على وطننا نعمة الأمن والأمان وحفظ قيادتنا الحكيمة.