الأقربون لغةً وعرفًا،حسبًا ونسبًا،هم الذين يقدَّم لهم المعروف والإحسان والعون طوعًا وعلانية. قاعدة إنسانيَّة لدى الأمم والشعوب كافَّة، وإن بنسب متفاوتة حسب العادات والتقاليد وظروف المعيشة.
الأقربون- في بلد الحرمين الشريفين، وقد أكرمه الله باختيار بيته الحرام في مكَّة المكرَّمة ومثوى رسوله الكريم محمَّد بن عبدالله عليه الصلاة والسلام في المدينة المنوَّرة- هم على تعدًّد ألوانهم وألسنتهم وبلدانهم وحيثما كانت إقامتهم في أرض الله الواسعة كلُّ من نشترك معهم في العقيدة، ولهم علينا، قيادة وشعبًا واجب حسن استضافة القادم منهم لحجٍّ أوعمرة أو زيارة، وتأمين راحته وسلامته ومتطلَّبات إقامته من سكن ومأكل ومشرب وتنقُّلات بين المدينتين المقدَّستين والمشاعرالمقدًّسة.
من تابع البثَّ المباشرمن القنوات الفضائيَّة المحلِّيَّة والإقليميَّة والعالميَّةً لحجِّ هذا العام 1440 هجريَّة لاشكَّ وقف تمامًا على الجهود الجبَّارة التي تبذلها المملكة على شتَّى المستويات والأصعدة لخدمة ضيوف الرحمن، بداية من حصول الراغب في الحج والعمرة والزيارة على تأشيرة الدخول بسهولة ويُسر، ومن ثمَّ تسهيل إجراءات سفره من المطارات وموانئ المغادرة في بلده حتَّى محطَة القدوم الأولى في المملكة، فانتقاله إلى المدينتين المقدَّستين.
ضيوف الرحمن منهم من يقصد زيارة بيت رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام في المدينة المنوَّرة قبل دخوله مكَّة المكرمة ومنهم من يؤجِّل الزيارة إلى ما بعد إتمامه مناسك الحج والعمرة..هؤلاء جميعًا وسواهم ترعاهم عناية المولى جلَّت قدرته طوال مدّة إقامتهم بيننا، ومن بعدُ عيون القائمين على أمن الحجيج وسلامتهم وصحَّتهم وجميع متطلَّباتهم، من رجال الأمن والفريق التقني مجهّز بأحدث وسائل المراقبة والمتابعة لقطع دابر كلِّ مأجورلإشاعة الفوضى والفتن. ويؤازرهم الفريق الطبِّي المتكامل من أطبَّاء وممرِّضين وصيادلة ومستشفيات متنقِّلة لتقديم الخدمات الطبّيَّة بما فيها العمليَّات الجراحيَّة المعقَّدة بالمجان ودون مقابل غيرالأجر والثواب من ربِّ العباد. ويُضاف إليهم المشرفون على توفير السكن في الفنادق والشقق المفروشة والتنقُّلات بالقطارات السريعة والحافلات الحديثة، ورحلات الطيران المتتالية ذهابًا وإيابًاً.
حسنًا فعلت وسائل الإعلام المرئيَّة في نقلها المباشر تأدية ضيوف الرحمن مناسك حجِّهم وزيارتهم بيت رسولنا الكريم. وظهر جليًّا عبر شاشاتها الفضائيَّة مابذلته حكومات المملكة المتتالية منذ الملك المؤسِّس طيَّب الله ثراه، ومن بعده حكم أنجاله الملوك؛ خدَّام الحرمين الشريفين من أجل تأمين راحة ضيوف الرحمن. فقد كان منهم البذل السخي على توسعات متتالية للحرمين الشريفين لاستيعاب الأعداد المتزايدة من الحجَّاج والمعتمرين والزوَّار سنة بعد سنة.
لقد بذلوا في سبيل إنجازها من الأموال ما لم يبذل على أيِّ بيت من بيوت الله في العالم، يؤمُّها المؤمنون المتعبِّدون ليل نهار،وعلى مدار أيَّام السنة دون انقطاع، ولا منَّة في ذلك، ولا مزايدة. فالمال مال الله والبيت بيت الله، وخدمة ضيوفه واجب مقدَّس يتشرَّف به حكَّام هذا البلد والمواطنون منذ أن رفع قواعد البيت الحرام في مكَّة المكرَّمة نبيُّ الله إبراهيم عليه السلام وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها. وخير شاهد على ذكر ما تقدَّم هم ضيوف الرحمن أنفسهم الذين هم الآن كلٌّ في طريق عودته لدياره وأهله سالمًا غانمًا. وقد التغت وإلى الأبد من قاموس الحجِّ إن شاء الله مقولة ما كان يتردَّد على الألسنة: «المتَّجه للمدينتين المقدَّستين مفقود والعائد إلى أهله منهما مولود» وذلك قبل استتباب الأمن والأمان على الطرق كافَّة المؤديَّة إلى المدينتين المقدَّستين، بفضل من الله وبتوفيق الملك المؤسِّس طيَّب الله ثراه بإقامة مملكة الأمن والأمان في جزيرة العرب بعد سنوات طويلة من الفتن والمؤامرات، ولايزال أولو أمرهذه الأمة يعملون على استقرار الأمن والسلام رغم عبث العابثين الذين يشيعون الفتن في بلدان الجوار ويعملون دون كلل أو ملل وبضمائر ميَّتة، مدفوعين من جهات همُّها تمزيق النسيج الاجتماعي لبلداننا العربيَّة والإسلاميَّة.