أعتقد أن العنوان أبلغ من أي حديث بعده والعالم قد شاهد الحجيج القادمين من أصقاع المعمورة نحو هذه البقعة المباركة لأداء الشعيرة الواجبة على كل مسلم يستطيع الوصول إليه سبيلاً أو لم يستطع ليحمله سلمان وابنه وقبله إخوته عليهم رحمة الله إلى بيت الله الحرام، فهذا ابن شهيد وتلك ابنة أسير وذاك طفل يتيم وتلك عجوز عقيم وذاك شيب كبير، جميعهم احتملهم ركب وقافلة القادة السعوديين في كل عام ينهل من نهلهم المسلمون كل من انقطع سبيله أو انقطعت أنفاسه أو توقف قلبه أو عمي بصره حمله ذلك المركب الطيب حتى لمن تطاول عليهم وتقوَّل عليهم ببعض الأقاويل لأن قلوبهم كقلوب النخيل بيضاء ناصعة وثمرهم كثمرها لا ترمي إلا أطيب ثمرها.
إن ما تقوم به السعودية في مكة يعتبر في المفهوم العالمي من مهام دولة أخرى بدءاً من حمايته وحراسته وتنظيمه وتهيئته وتوسعته وإنشاء البنى التحتية الهائلة وتعبيد الطرق وإنارتها وتفجير الجبال والأنفاق التي تشتهر بها مكة وتوفير الأغذية والمحال وأجهزة الصرافة وتعدد اللغات وطباعة الكتب المتعددة وتنقية أرضها وسمائها وتكييفها مضافاً لها استقبال الوفود بملايين الأنفس وطريقة إدارة تلك الحشود وتغيير ثوب الكعبة بملايين الريالات وتطوافها بالبخور والرائحة الزكية لهو عمل عظيم اختصهم الله به من بين خلقه أجمعين، وفي مقابل ذلك عينها على حدود الوطن وثغوره وردع المعتدي الذي يجوب البحار الخليجية أو اليمنية أو عبر الحدود البرية والمضائق البحرية أو التهديدات الإعلامية والتخطيطات الجهنمية، جميع هذا وأكثر يجعلنا نعلم يقيناً أن السعودية قادرة بمشيئة الله تعالى على التعامل مع جميع الملفات المتعددة وإن حاول البعض الانتقاص منها أو تشويه سمعتها.
من العجيب أن هذين الملفين تمت إضافة ملف ثالث إليهما لا يقل عنهما بالأهمية وهو تطوير وحضارة البلاد السعودية من خلال إنشاء المدن العالمية لتكون ثلاث دول في دولة واحدة وهي السعودية العظمى حفظها الله.