.. بالأمس أشرق صبح يوم جديد لعام جديد.. أعمارنا تتساقط كأوراق شجر.. والزمن رحى تطحننا..!! ونحن وأحلامنا وآمالنا.. وحتى انكساراتنا لازلنا نتلمس الخلاص، ونستجدي «التغيير» مع صباح كل عام جديد.. ***** .. وكأن حادي البيد يستمسك بين كفيه فواصل «العوامين»، وهو يلقي علينا تحية العام الجديد: (دامت أحلامكم.. دامت جراحكم) ..!! ***** .. وكأن أعمار أوطاننا كأعمارنا تمامًا.. تمور، تتوجع، تتشقق، تتساقط..!! ***** .. و»نحن» و»هي» شبيهان، فللأوطان أعمار، وللأعمار أوطان وجراح..!! ***** .. دعوني آخذكم إلى استهلال مختلف للعام الجديد، من خلال استقراءات افتراضية، ربما يسكن أكثرها هواجس المواطن العربي تجاه العام الجديد.. ***** .. ألقيت تحية العام الجديد على راعي غنم، فقال: «ياهذا، في كل مرة يتجاوزك الموت إلى غيرك، لكنه لن يتجاوزك إلى الأبد».. قلت يا عماه.. الأعمار بيد الله.. ***** .. قلت لأحدهم: هذا عام جديد أقبل.. فأشاح عني وهو يلوك مراراة السؤال: «ومتى يغيب عام الفساد والبطالة، وأزمات المعيشة..؟!!». ***** .. وقال الصديق المتعصب: «هذا العام نبغى نفوز بالدوري غصبًا عن خشومهم»..!! ***** .. وأرخيت سمعي لبائعتي حناء في سوق شعبي.. قالت إحداهما للأخرى: «وش آخر أخبار التوترات في الخليج..؟».. فتمتمت في نفسي: (أعوام من التعب عندما تتحول حياة البسطاء إلى خبز سياسية يركضون خلفه)..!! ***** في حين أن مفسر الأحلام لم ينته بعد من تفسيراته عن مستحدثات الدهر وعن ما ابتلي به كوكبنا من فتن وتغيرات مناخية وجغرافية..!! ***** .. وعلى ذات السياق فإن فيلسوف الهواء الطلق لازال غارقًا في تحليلاته: «من يقود العالم؟ ومن سيسيطر عليه؟.. ومن يقف وراء كل هذه الأحداث: نحن؟ أم هم؟ أم هو؟ أم هي...؟!!». ***** .. ياسادة.. امنحوا ذاكرتي المثقوبة عامًا عربيًا خلا من الجراح.. مع كل عام جديد جراحاتنا تتمدد وتتجدد..!! ***** كم وطن أنهكته الحروب؟.. كم مدينة دمرت؟.. وكم قتيل؟ وجريح؟ ولاجىء؟..!! ***** .. كم للفقر من مواجع؟ وكم للخوف من فواجع؟ كم قلب توجع؟ وكم مدامع سفحت؟..!! ***** .. كلُّ مسكون بهمومه، وبرغبة الهروب إلى الأمام، ويظل الوعد الحق، فيصل أحلام الخير في كل عام جديد.
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
