القدرة على الاحتمال هي شيمة الأقوياء والأبطال، لا أقصد أقوياء البنية وذوي العضلات المفتولة -قد يكون ذو العضلات سريع الانهيار، تخور قواه عند أول صدمة أو شعور بالألم الحقيقي- قصدت هؤلاء الذين تراهم عند الشعور بالآلام نتيجة مرض أو ولادة أو حتى عند الإفاقة من عملية جراحية مميتة.. فئة لا تعترف بالألم، تظل تردد كلمات محفزة بصوت عالٍ أو بهتاف منخفض: أنا قوي، أنا بخير، أنا أستطيع، لا شئ يدوم للأبد، سيزول هذا الألم الآن.. ومنهم من يكبر أو يحمد الله بنفس الطريقة.
هم لا يتحدثون للطبيب أو للصديق أو لأمهاتهم وذويهم، هم يتحدثون لروح هذا الجسد المتألم، يحفز نفسه على المقاومة ليقينه المطلق بأن هذا الألم لا بد أن يزول.
يوماً ما سيحكي للجميع عن معاناته وكيف تجاوزها بالصبر والمقاومة وقوة الإرادة.. إنه فن، لا يتقنه إلا الأذكياء.
لا شئ في هذه الحياة يدوم، حتى الآلام لابد أن تزول يوماً ما وتصبح مجرد ذكرى، كلما حضرت، حضرت كطيف لا يترك إلا دفعة للمزيد من التقدم للأمام..
فقط: لذوي الهمم العالية.