التحسين المستمر في العمليات الإدارية ومنهجيات العمل المؤسسي مطلب ضروري في المرحلة الراهنة من تاريخ الوطن للارتقاء بجودة الخدمات وتحقيق أعلى مؤشرات أداء في المؤسسات بما يُواكب رؤية وطنية طموحة ترتقي لخطط الدولة ومشروعات الرؤية، ونحن على مشارف عام التحوُّل الوطني 2020.
نظرية كايزن تُعرف بمنهجية التحسين المستمر في عالم تطبيقات الجودة العالمية، وقد نجحت المؤسسات اليابانية في جني ثمار تطبيقاتها حتى أصبح المجتمع الياباني مضرب الأمثال في الجودة والإتقان، ويتنفسون هذه المنهجية. الهمم العالية الطموحة لا ترضى بحدٍّ معين في التطوير والتحسين، ولا تُحدِّث نفسها بأنها وصلت للهدف وكل ارتقاء لها في قمة يجعلها تبحث عن قمة أخرى لترتقيها وتعمل جاهدة من أجل الوصول إليها.
إن ما نفعله اليوم يجب أن يكون أفضل من الأمس، وما نفعله غدًا يجب أن يكون أفضل من اليوم، مَن يبحثون عن التميُّز في الأداء، لابد أن يتحلّوا بهذا الفكر التوَّاق للمعالي، فمنهجية التغيير للأفضل ديدن من خلدت أسماءهم في التاريخ البشري، يُواصلون العمل والجهد والفكر، ويستثمرون كل لحظات حياتهم في خير البشرية.
التحسينات التدريجية البسيطة والمستمرة في كل العمليات والخدمات والمنتجات لكل مؤسسة ستُحقِّق بكل تأكيد أفضل النتائج، وتُخفِّض من التكاليف، وتُقلِّل من الفاقد والهدر في الموارد، وتزيد من معدل الإنتاجية.
كايزن، منهجية يابانية لتحسين الأداء، تتبنَّى منهجية التحسين المستمر لكل شيء في المؤسسة، اعتمادًا على استخدام الأساليب المنطقية في الإدارة، والاستخدام الأمثل للموارد الحالية دون الحاجة إلى تخصيص استثمارات وموارد جديدة.
منهجية كايزن، تُركِّز على العمليات التشاركية بين جميع العاملين في المؤسسات دون النظر إلى مراتبهم الوظيفية، سواء كان مديرًا أم عاملًا بسيطًا، فالكل يُشارك وفق نطاق صلاحياته. وهذا يعني أن التحسين يتم في الوحدات الصغيرة والكبيرة على حدٍّ سواء.. وستبقى المدخلات الخمس للعمليات محط الأنظار في عمليات التحسين وهي: (العامل، الآلة، طرائقوأساليب العمل، المواد، والبيئة الزمانية والمكانية).
ثقافة كايزن، لابد أن تنتشر في أروقة مؤسساتنا التعليمية من أجل المنافسة وإحداث تغييرات جذرية كبيرة مع الاستمرارية في العمل بروح الفريق الواحد.
كايزن في التعليم؛ له علاقة بالتحسين المستمر في العملية التربوية التعليمية، للحدِّ من الفاقد والهدر وتحقيق الاستثمار الأمثل للموارد بمشاركة جميع العاملين في مجال التربية والتعليم.. التحسين يشارك فيه القيادات العليا «مديرو الإدارات والوحدات»، والذين يُمارسون الأعمال الإشرافية، والذين يُمارسون الأعمال التعليمية، مُعلِّمون ومرشدون طلابيون.. وغيرهم من الهيئات التعليمية والإدارية في الميدان.
يتم تنفيذ كايزن في موقع العمل، وهو المكان الذي تتم فيه العمليات، وتحسين موقع العمل بمصطلح «جمبا كايزن» وهو منهج لإزالة الفاقد والتخلص منه عن طريق تحسين المدخلات الخمسة للعمليات في موقع العمل التي ذكرتها أعلاه.. يعمل كايزن على إزالة ثلاثة أنواع من الفاقد، وجميعها تبدأ بحرف الـ(M)، وهي: الهدرMuda ، انتقاء الاتساق والتناغم Mura، الإجهاد البدني Muri .
نحن بحاجة ماسة للتقليل من الهدر في القدرات والكفاءات المتميزة في التعليم، واستثمارهم في تحقيق أعلى مؤشرات للأداء والارتقاء بالخدمات، وتحفيزهم وتقبُّل أفكارهم النيّرة، ومبادراتهم التي من شأنها رفع مستوى الأداء في المؤسسات التعليمية، لنعمل على عدم الهدر في الوقت وعدم الاستهانة بأي لحظة من عمر الزمان، للبدء فورًا في مشروعات وبرامج من شأنها تحسين الأداء ونشر الفكر المؤسسي وأهمية العمل الجماعي من أجل المصلحة العامة.
المنجزات الفردية لا تُحقِّق فارقًا حقيقيًا في المؤسسات، وإنما ما يُحدث الفرق هو المنجز الجماعي، الذي يُجيَّر باسم المؤسسة من أجل وطن متلاحم متميز.