الثقافة المجتمعية تمثل حجم ما يكتنزه أفراد أي مجتمع من المجتمعات من قيم وسلوكات وعادات وتقاليد وممارسات تفاعله مع كافة المكونات المحيطة به من مؤسسات وأنظمة ومرافق عامة وخاصة ولاشك بأن كل ذلك يعد مرآة تعكس ما يتمتع به ذلك المجتمع من رقي ثقافي أو انحدار، ولعل تلك الصورة نلمسها بجلاء عندما نزور بلداً من البلدان المتقدمة حيث نختزن تلك الصورة في ذاكرتنا كصورة عامة للمجتمع بأكمله، وإن كانت تلك الصورة لا تعد شاملة لكل أفراد ذلك المجتمع، فوجود الشواذ لا مناص منه لكن الشريحة الكبرى تعد ممثلة لذلك المجتمع.
ولو أسقطنا ذلك على ثقافة مجتمعنا الذي نراه لازال يحتاج للكثير من الدعائم والمنابر والمرتكزات التي ترفع من حجم تلك الثقافة الإيجابية، فمن خلال ملامستنا للكثير من مناحي تلك الثقافة نجد أننا لا نزال نحتاج إلى الكثير من العمل لتنمية تلك الثقافة كي يتحقق لنا تكوين الصورة الناصعة التي تعكس قيمنا وعاداتنا وسلوكاتنا التي حثنا عليها ديننا الحنيف وضبطتها كل الأنظمة التي تحتويها كل مؤسسة من المؤسسات، فعلى سبيل المثال لا الحصر على ضمور تلك الثقافة نذكر ثقافتنا حول التعامل مع المرافق العامة كالحدائق والمنتزهات والشوارع والمساجد والمؤسسات الحكومية، حيث نجد الكثير من الضمور في التعامل الإيجابي الحضاري النابع من وازع ديني وأخلاقي وقيَمي نحو تلك المرافق فما نلمسه من عبث وتهاون ولا مبالاة معها أراه أمراً يستوجب الكثير من القرارات المؤسسية والكثير من أدوات الردع لمن يسيء التعامل معها.
وجانب آخر أراه يزداد سوءاً يوماً بعد آخر حيث يفتقد للكثير من الإحساس بخطورة التعامل معه وهو ممارسة الكثير من قيادة المركبات العابثة والمستهترة بأنظمة المرور التي أراها أيضاً قاصرة إلى حد كبير ولولا وجود نظام ساهر ونجم لاختلط الحابل بالنابل في شوارعنا، ولعل رجال المرور يمثلون الكثير من تلك الثقافة البالية الضامرة في أسلوب تعاملهم مع تسيير أنظمة السير.
ولا ننسى أيضاً ثقافة الحوار التي أرى أن أغلب أفراد مجتمعنا يفتقدون لها حيث لازالت تلك الفئة تمارس أسلوب الزعيق والإقصاء والتكفير أو العلمنة واللبررة عند العجز عن اتباع أساليب الإقناع التي يفتقدون لثقافتها أيضاً.
وكي نتمكن من تنمية تلك الثقافات الإيجابية الحضارية نحتاج إلى عدة أمور أهمها:
* ادخال تلك الثقافة الشاملة إلى ميدان التعليم ليكون إحدى المواد الأساسية في كافة المراحل.
* إعادة صياغة أساليب التعامل الإعلامي مع تلك القضية ومحاولة إبرازها بصورة مكثفة.
* إعادة النظر في محتوى منابرنا الدعوية وخاصة خطب الجمعة التي ينصت لها الكثير من أفراد المجتمع بإلزام الخطباء بتكثيف تعزيز تلك الثقافة بدلاً من الدعاء على الرايح والجاي. والله من وراء القصد.