إن الغرب لم ينتهِ عداؤه للإسلام بعد، رغم أن المسلمين أصبحوا أصدقاء له، حتى أن البعض رأى أن من صداقتهم له أن يُعينوه على هدم ثوابت الدين وأحكامه، ويشيعوا عنه ما أشاعه الغرب في سالف أيامه وأوانه.
إن قضية تعدد زوجات النبي صلى الله عليه وسلم وما أثاره الغرب عنه، يثيرها اليوم منتسبون للإسلام كثر -زوراً- في بلدان المسلمين، ويلمزون بها سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم دون خوفٍ ولا خشية من الله، ولا من أهل الإسلام، والقصاص حكم ثابت في الإسلام لا ينكر عاقل فوائده، التي أشار الله عز وجل إليها في قوله تعالى: (ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب)، وحكمه التي لا تنكر في منع جريمة القتل أبشع جرائم الإنسان لأخيه الإنسان. اليوم في عرض وطول أرض الإسلام؛ مَن يطالب بإلغائها، رغم ثبوت النص بها في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وإجماع المسلمين، وتحريم شرب الخمر والزنا والربا واللواط وغيرها كثير، أصبح إرضاء للغرب من ينازع في تحريمها من المسلمين، بل ويتحدث عنها بترفع، وكأن أحكام البشر خير من أحكام الله، والمهم أن من ينازع في ذلك في الأعم الأغلب الجاهلون بأحكام الدين ومقاصده ومحاسنه. ولعل بعض العالمين بذلك يصمت ولا يرد عليهم، وممن زعم أنه عالم بالدين أباح للمرأة المسلمة أن تتزوج بغير المسلم رغم ثبوت التحريم. وهكذا يطول بنا الأمر لو أردنا أن نستقصي ما يقوم به بعضٌ ممَّن ينتسبون إلى الإسلام قولاً لا فعلاً، ممَّن يُحرِّمون كثيراً من أحكام الدين التي أباحها الله، ومَن يُحلُّ من محرّمات الدين الكثير، دون تورُّع ولا خوف من الله، ولا خجل من الناس، وهذا السيل الهادر الذي لا رادع له في عصرنا، من تحريم المباح، وبيان ما زعم أنه ضرر له، وتحليل المحرَّم وبيان ما زعم أنه نفع له، لا يحصيه الحصر في عصرنا، على ألسنة وأقلام الكثيرين، ويتبعهم فيه الجاهلون، ويصمت حتى أولئك الذين لهم الحق في ردع الجاهلين والمعتدين، حتى أصبح الضعف ينال المسلمين في كل جوانب الحياة، وأهمها أحكام دينهم وثوابته ومقاصده، واللهُ -ولاشك- ناصرٌ الحق، وقد أصبح كثير من الناس يخشى أن يجهر بالحق مع أنه مأمور به.